الفرقة الثانية: القَدَرِيَّة المُجَبِّرَة: الذِين يَغْلُون في إثباتِ
القَدَر، ويَقولون: العَبْد ليس له اختيارٌ ولا إرادةٌ ولا فعلٌ، وإنما هو فِعل
اللهِ فيه، فهو كالرِّيشَة يُحرِّكها الهَواء، وكالمَيِّت بيَدِ الغَاسِل مُجْبَرٌ
ليس له اختيارٌ، هؤلاء يُسَمَّوْن المُجَبِّرَة، غَلَوْا في إثباتِ القَدَر
-والعِياذُ باللهِ- حتى سَلَبُوا العبدَ من اختيارِه وأفعالِه وجَعَلُوه مُجْبَرًا
على أفعالِه، لا يُصلِّي باختيارِه، ولا يَزنِي باختيارِه، ولا يُزكِّي باختيارِه،
ولا يأخذُ الرِّبَا باختيارِه، وإنما هو مُجبَرٌ كُل واحدٍ عندهم مُجْبَر، هذا
قَوْل الجَبْرِيَّة.
قولُه: «المُرْجِئَة»: هذا في بابِ
الإيمانِ، والإيمانُ هو -كما عرَّفَه أهلُ السنةِ والجَماعة-: قَولٌ باللسانِ
واعتقادٌ بالقلبِ وعملٌ بالجَوَارِح، يزيدُ بالطاعةِ ويَنقُص بالمَعصية.
المُرْجِئَة يقولُون: الأعمالُ لا تَدخُل في الإيمانِ. فإذا كانَ مُعتقِدًا بقلبِه
ولو تَرَكَ جميعَ الأعمالِ، لو ما صلَّى، ولا صامَ، ولا فعلَ أيَّ شيءٍ، يدخلُ
الجَنة، والإيمانُ لا يَزيد ولا يَنقص عِندهم؛ لأنه في القَلب، فإيمانُ أبي بكرٍ
وإيمانُ أَفْسَق الناسِ عِندهم سواءٌ؛ لأنه في القَلب.
قولُه: «الشِّيعَة» هم الذِين يَزعمُون أنهم
يُحِبّون أهلَ البيتِ، ويَتَشَيَّعون لعليٍّ وذُرِّيَّته ويَعتقدون أنهم ظلمُوا
حَقّهم، وأن الخِلافة كانتْ لعليٍّ بعد الرَّسُول، وأن عَلِيًّا هو وَصِيُّ رسولِ
اللهِ صلى الله عليه وسلم وأن الصحابةَ سَلَبُوها منه وغَصَبُوها منه فهم ظَلَمَة
وطَوَاغِيت، هذا اعتقادُهم والعِياذُ باللهِ.
الصفحة 3 / 199