يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ
مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ﴾ [الأحزاب: 36]، وَبقوله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ
بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا﴾ [النساء: 65].
فَالقاضي يَبذُل وُسعَه
في تحَرِي الصَّوَاب في الحُكْم مع توَفُّرِ الأَهليَّةِ فِيه، وَالمتقاضي -
بموجِب إِيمانه - يَقتنعُ بالحُكْم، فَلا يَحْتاجُ إِلى رَفْعِ الحُكْم إِلى جِهةٍ
أُخْرَى تنظُرُ في مدَى مطَابقته للنصِّ - لوُجُودِ الثِّقةِ في القاضي -.
فَلما بعد العَهدُ
وَتأَخَّرَ الزمان حَدَثَ في الناس ضعْفٌ في الإِيمان وَكَثُرَ الاحْتيَال
وَالإِنكَارُ - عند ذلك تطَوَّرَت إِجْرَاءَات القضاءِ فَكَثُرَت الدَّوَائِرُ
القضائِيَّةُ وَقسمت إِلى اخْتصَاصَات، وَعُيِّن لكل اخْتصَاصٍ قاض مخْتصٌّ به -
وَسجِّلت الأَحْكَام بالكِتابةِ - فَالجِنايَات مثَلا وَالحُدُودُ لها قاض مخْتصٌ.
وَالمعَاملات لها قاض. وَالأَحْوَال الشَّخْصِيَّةُ لها قاض مخْتصٌّ. وَهكذا وما
يَزَال الأَمرُ يَتطَوَّرُ. وَفِي بلادِنا السعُودِيَّةِ قد نوعت المحَاكِم
إِلى:
(أ) محَاكِم
مستعْجَلةٍ: تتوَلى الفَصْل في الخُصُومات الماليَّةِ في حُدُودِ نصَاب معَيَّن، وَفِي
الحُدُودِ التي لا قطْعَ فيها وَفِي التعْزِيرَات.
(ب) وَإِلى محَاكِم
كُبرَى: تخْتصُّ بنظَرِ الدَّعَاوَى التي تزِيدُ عن اخْتصَاصِ المحَاكِم
المستعْجَلةِ.
(ج) وَإِلى محَاكِم
تميِيزٍ: مهمتها تدْقيق الأَحْكَام الصَّادِرَةِ من المحَاكِم الشَّرعيَّة،
وَالنظَرُ في اللائِحَةِ الاعْترَاضيَّةِ التي يُقدِّمها الخَصْم عِندَما لا
يَقتنعُ بالحُكْم الصَّادِرِ - فَإِذَا لم يَظْهرْ لهيْئَةِ المحْكَمةِ ما
يُلاحَظُ على الحُكْم فَعَليْها أَن تصَادِق عليه.
الصفحة 2 / 261