×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

 الأَشياء التي يَجْرِي فيها الرِّبا:

هناكَ أَشياء مجْمعٌ على جَرَيَان الرِّبا فيها وهي الأَصْنافُ الستةُ: الذَّهب وَالفضة وَالبرُّ وَالشعير وَالتمرُ وَالملحُ - وما عَدَا هذه الأَصْنافِ فَقدِ اخْتلفَ في جَرَيَان الرِّبا فِيه. وَمنشَأُ هذا الخِلافِ يَرْجِعُ إِلى أَنه: هل يُقاس على هذه الأَصْنافِ غيرها مما شَارَكَها في العِلةِ؟ أَو لا؟، أَو بعِبارَةٍ أُخْرَى: هل تحريم الرِّبا في هذه الأَشياء لمعنى فِيها، فَيُقاس عَليْها غيرها مما شَارَكَها في هذا المعْنى؟ أَو لأَعْيَانها؟ - وَإِذَا كان لمعنى فِيها، فَهل عُرِفَ ذلك المعْنى؟ أَو لا؟ إِليْكَ أَقوَالهم في ذَلكَ:

القول الأَوَّل: إِن تحريم الرِّبا محْصُورٌ في هذه الأَشياء الستةِ لا يَتجَاوَزُها إِلى غيرها. وَيُرْوَى هذا القول عن قتادَةَ، وهو قوْل أَهل الظَّاهرِ وَقال به أَيضًا طَاوُوس وَعُثْمان البتيُّ وَأَبو سليْمان. قال ابن حَزْم بعد أَن ساق بعض الأَدلة على تحريم الرِّبا وَالوَعِيدَ عَليْه: فَإِذَا أَحَل الله البيْعَ وَحَرَّم الرِّبا، فَوَاجِب طَلب معْرِفَته ليُتجَنب. وَقال تعالى: ﴿وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ [الأنعام: 119]، فَصَحَّ أَن ما فُصِّل لنا بيَانه على لسان رَسوله عليه السلام من الرِّبا أَو من الحَرَام فهو رِبا وَحَرَام وما لم يُفَصَّل لنا تحْرِيمه فهو حَلال؛ لأَنه لوْ جَازَ أَن يكون في الشَّرِيعَةِ شَيْءٌ حَرَّمه الله تعالى، ثُم لم يُفَصِّله لنا، وَلا بيَّنه رَسوله عليه السلام، لكَان تعالى كَاذِبًا في قوله: ﴿وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ [الأنعام: 119]، وَهذا كُفْرٌ صَرِيحٌ ممن قال به، وَلكَان رسول الله صلى الله عليه وسلم عَاصِيًا لرَبه تعالى إِذْ أَمرَه بالبيَان فَلم يُبيِّن. فَهذا كُفْرٌ متيَقن ممن أَجَازَه. أ هـ.

وَهوَ كَلام فيه قسوَةٌ وَشِدَّةٌ كَما هي عَادَةُ ابن حَزْم رحمه الله.


الشرح