وَممن اخْتارَ هذا القوْل الإِمام
الصَّنعَانيُّ؛ حيث يقول في سبل السلام شَرْحِ بلوغِ المرَام ما نصُّه: «ولكن لما
لم يَجِدُوا - أَيْ الجمهور - عِلةً منصُوصَةً اخْتلفُوا فيها اخْتلافًا كَثِيرًا
يُقوِّي للناظِرِ العَارِفِ أَن الحق ما ذَهبت إِليْه الظَّاهرِيَّةُ من أَنه لا
يَجْرِي الرِّبا إلاَّ في الستةِ المنصُوصِ عَليَها، وقد أَفْرَدْنا الكَلام على
ذلك في رِسالةٍ مستقلةٍ سميْتها: «القوْل المجْتبى». أ هـ.
وَاخْتارَه من
الحَنابلةِ ابن عَقيل في آخِرِ مصَنفَاته مع قوله بالقيَاس. قال: لأَن عِلل
القيَاسيِّين في مسأَلة الرِّبا عِلل ضعِيفَةٌ، وَإِذَا لم تظْهرْ فيه عِلةٌ
امتنعَ القيَاس.
القوْل الثَّاني: وهو قوْل جمهور
العلماء أَن الرِّبا يَتجَاوَزُ هذه الأَصْناف الستة إِلى غيرها مما شَارَكَها في
العِلةِ - قال الشَّوْكَانيُّ في الدَّرَارِي البهيَّةِ: وَمما يدل على أَن
الرِّبا يَثْبت في غير هذه الأَجْناس حديث ابن عُمرَ في الصحيحيْن قال: «نَهَى
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُزَابَنَةِ؛ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ
ثَمَرَ حَائِطِهِ، إِنْ كَانَ نَخْلاً، بِتَمْرٍ كَيْلاً، وَإِنْ كَانَ كَرْمًا:
أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلاً، وَإِنْ كَانَ زَرْعًا: أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ
طَعَامٍ، نَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ» ([1]) وَفِي لفْظٍ لمسلم:
«وَعَنْ كُلِّ ثَمَرٍ بِخَرْصِهِ» ([2]).
فَإِن هذا الحديث يدل على ثُبوت الرِّبا في الكَرْم وَالزَّبيب. وَروَاية مسلم تدُل على أَعَم من ذلك.
([1])أخرجه: البخاري رقم (2091)، ومسلم (1542).