×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

متى حُرِّم الرِّبا؟

قدْ كان تحريم الرِّبا قدِيمًا، وقد ذَكَرَ الله تحْرِيمه على اليهود حيث يقول سبحانه: ﴿فَبِظُلۡمٖ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا عَلَيۡهِمۡ طَيِّبَٰتٍ أُحِلَّتۡ لَهُمۡ وَبِصَدِّهِمۡ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيرٗا ١٦٠ وَأَخۡذِهِمُ ٱلرِّبَوٰاْ وَقَدۡ نُهُواْ عَنۡهُ وَأَكۡلِهِمۡ أَمۡوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡبَٰطِلِۚ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا [النساء: 160- 161].

إِلا أَن العَلامةَ القرْطبيَّ يَرَى أَن المرَادَ بالرِّبا المذْكُور في حَق اليهود عُموم الكَسب المحَرَّم، وَلم يُرِدْ به خُصُوصَ الرِّبا الذي حُكِم بتحْرِيمه عَليْنا، وَإِنما أَرَادَ المال الحَرَام كَما قال تعالى: ﴿سَمَّٰعُونَ لِلۡكَذِبِ أَكَّٰلُونَ لِلسُّحۡتِۚ [المائدة: 42].يَعْني به المال الحَرَام من الرِّبا، وما استحَلوه من أَموَال الأُميِّين حيث قالوا: ﴿لَيۡسَ عَلَيۡنَا فِي ٱلۡأُمِّيِّ‍ۧنَ سَبِيلٞ [آل عمران: 75]. وَعلى هذا فَيَدْخُل فيه النهيُ عن كُل مال حَرَام بأَيِّ وَجْه اكْتسب. وكان الرِّبا معْرُوفًا في الجَاهليَّةِ عند العَرَب، وقد ذَكَرَه الله تعالى في سورَةِ الرُّوم - وهي مكِّيَّةٌ نزَلت قبل الهجْرَةِ ببضعِ سنين - مقرُونًا بذَمه وَمدْحِ الزَّكَاةِ، وَذلك قبل فَرْض الزَّكَاةِ، كَما في قوله تعالى: ﴿وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن رِّبٗا لِّيَرۡبُوَاْ فِيٓ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ فَلَا يَرۡبُواْ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن زَكَوٰةٖ تُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُضۡعِفُونَ [الروم: 39]. وَقدْ جَاءَ في السوَرِ المكِّيَّةِ بيَان أُصُول الوَاجِبات وَالمحَرَّمات بوَجْه إِجْماليٍّ، كَما في هذه الآيَةِ، ثُم قال تعالى في سورَةِ آل عِمرَان:  ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُواْ ٱلرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفٗا مُّضَٰعَفَةٗۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ [آل عمران: 130] ثُم نزَلت آيَات سورَةِ البقرَةِ المشْتملةِ على الوَعِيدِ الشَّدِيدِ قبل وَفَاةِ النبي صلى الله عليه وسلم بقليل وَيَستمرُّ تحْرِيمه إِلى يَوْم القيَامةِ - هذا تارِيخُ الرِّبا


الشرح