×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

التَّعزية

وتُسنُّ تعزيةُ المصاب بالميِّت وحثُّه على الصبر والدعاءُ للميت؛ لما روى ابْنُ مَاجَه وإسناده ثِقاتٌ عن عُمَرَ، وابْنُ حَزْمٍ مرفوعًا: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إلاَّ كَسَاهُ اللهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ([1])ووردت بمعناه أحاديثٌ. ولفظ التَّعزية أن يقول: أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك. ولا ينبغي الجلوس للعزاء، والإعلانُ عن ذلك كما يفعل بعض الناس اليوم. ويُستحبُّ أن يُعَدَّ لأهل الميِّت طعامٌ يبعثه إليهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «اصْنَعُوا لآِلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» ([2]).

أمَّا ما يفعله بعض النَّاس اليوم من أن أهل الميِّت، يهيئون مكانًا لاجتماع النَّاس عندهم، ويصنعون الطَّعام، ويستأجرون المُقرئين لتلاوة القرآن، ويتحمَّلون في ذلك تكاليف ماليةً، فهذا من المآتم المُحرَّمةِ المُبتدَعةِ؛ لما روى الإِْمَامُ أَحْمَدُ عن جَرِيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: «كُنَّا نَعُدُّ الاِجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنَ النِّيَاحَةِ» ([3]) وإسناده ثقات.

قال شَيْخُ الإِْسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله: «جمع أهل المصيبة النَّاس على طعامهم ليقرءوا ويهدوا له ليس معروفًا عند السَّلف. وقد كرهه طوائفُ من أهل العلم من غير وجهٍ». انتهى.


الشرح

([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (1601)، وعبد بن حميد رقم (287).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (3132)، والترمذي رقم (998)، وابن ماجه رقم (1610)، وأحمد رقم (1751).

([3])أخرجه: ابن ماجه رقم (1612)، وأحمد رقم (6905).