غيره، فَبغَيْرِ
المعَاملةِ يَؤُول الأَمرُ إِلى التقاتل وَالتنازُعِ وَبذلك فَناءُ العَالم
وَاخْتلال نظَام المعَاشِ وغير ذلك.
المقارَنةُ بيْن
البيْعِ وَالرِّبا:
ساوَى الكفار بيْن
البيْعِ وَالرِّبا فقالوا: ﴿إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْۗ﴾ [البقرة: 275] أَيْ
إِنما الزيَادة عند حُلول الأَجَل التي هي رِبا النسيئة كَمثْل أَصْل الثَّمن في
أَوَّل العَقدِ وهي محَاوَلةٌ فَاشِلةٌ لأَن هناكَ فُرُوقًا عَظِيمةً مؤَثِّرَةً
بيْن البيْعِ وَالرِّبا؛ منها:
أَوَّلا: أَن البيْعَ قد
أَحَله الله، وَالرِّبا قد حَرَّمه الله، وَعلى العِبادِ أَن يَتلقوا ذلك بالقبول
من غير اعْترَاض.
ثَانيًا: أَن الاتجَارَ
بالبيْعِ وَالشِّرَاءِ قابل للرِّبحِ وَالخَسارَةِ، وَالمهارَةِ الشَّخْصِيَّةِ
وَالجُهد الشَّخْصِيِّ، أَما الاتجَارُ بالرِّبا فهو محَدَّدُ الرِّبحِ في كُل
حَالةٍ لا يُبذَل فيه جُهدٌ وَلا تستخْدَم فيه مهارَةٌ، فهو رُكُودٌ وَهبوطٌ
وَكَسل.
ثَالثًا: أَن البيْعَ فيه معَاوَضةٌ وَنفْعٌ للطَّرَفَيْن. وَالرِّبا إِنما يَحْصُل فيه النفْعُ لطَرَفٍ وَاحِدٍ، قال في تفْسيرِ المنارِ. وقد جَعَل أَكْثَرُ المفْسرِين هذا الجواب يَعْني قوله: ﴿وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْۚ﴾ [البقرة: 275]، من قبيل إِبطَال القيَاس بالنصِّ أَيْ أَنكُم تقيسون في الدِّين، وَالله تعالى لا يُجِيزُ هذا القيَاس. ولكن المعْهودَ في القرْآن مقارَعَةُ الحُجَّةِ بالحُجَّةِ، وقد كان الناس في زَمن التنزِيل يَفْهمون معنى الحُجَّةِ في رَدِّ القرْآن لذلك القوْل؛ إِذْ لم يكن عِندَهم من الاصْطِلاحَات الفقهية المسلَّمةِ ما هو أَصْل عِندَهم في المسائل لا يَفْهمون الآيَات إلاَّ به، وَلا يَنظُرُون إِليْها إلاَّ لتحْوِيلها إِليْه؛ وَالمعنى الصحيح أَن زَعْمهم مساوَاةُ الرِّبا للبيْعِ في مصْلحَةِ التعَامل
الصفحة 1 / 261