×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

خَمْرًا» يَدُلان على اعْتبارِ القصْدِ وَالتعَمدِ للبيْعِ إِلى من يَتخِذُه خَمرًا، وَلا خِلافَ في التحريم مع ذلك. وَأَما مع عَدَمه فَذَهب جماعةٌ من أَهل العلم إِلى جَوَازِه مع الكَرَاهةِ ما لم يَعْلم أَنه يَتخِذُه لذَلكَ، ولكن الظَّاهرَ أَن البيْعَ من اليَهودِيِّ أَو النصْرَانيِّ لا يجُوز لأَنه مظَنةٌ لجَعْل العِنب خَمرًا». انتهى.

وَمن البيْعِ الممنوع لإِفْضائِه إِلى محَرَّم: بيْعُ العَبدِ المسلم لكافر؛ لأَنه عَقدٌ يُثْبت الملكَ على المسلم للكافر فَلم يَصِحَّ وَمن ذلك أَيضًا البيْعُ الذي يُفْضي إِلى التفْرِيق بيْن ذَوِي المحَارِم لحديث أَبي أَيُّوب قال: سمعْت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقول: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ([1])، وَعَن عَليٍّ رضي الله عنه قال: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَبِيعَ غُلاَمَيْنِ أَخَوَيْنِ، فَبِعْتُهُمَا وَفَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَدْرِكْهُمَا فَارْتَجِعْهُمَا، وَلاَ تَبِعْهُمَا إلاَّ جَمِيعًا» ([2]). وَمن البيُوعِ المحَرَّمةِ كُل بيْعٍ غَدْرٍ أَو إِضرَارٍ بمسلم أَو غِشٍّ أَو خَدِيعَةٍ.

الحِكْمةُ في مشْرُوعِيَّةِ البيْعِ:

الحِكْمةُ تقتضي جَوَازَ البيْعِ لأَن حَاجَةَ الإِنسان تتعَلق بما في يَدِ صاحبه، وَصاحبه لا يَبذُله بغَيْرِ عِوَض، فَفِي شَرْعِ البيْعِ وَتجْوِيزِه طَرِيق إِلى وُصُول كُل وَاحِدٍ منهما إِلى غَرَضه وَدَفْعِ حَاجَته. وَمن الحِكْمةِ في ذلك اتساعُ أُمورِ المعَاشِ وَبقاءِ العَالم. لأَن فيه إِطْفَاء نارِ المنازَعَات وَالنهب وَالسرِقةِ وَالخِيَانات وَالحِيَل؛ لأَن المحْتاجَ يَميل إِلى ما في يَدِ


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (1566)، والدارمي رقم (2479)، وأحمد رقم (23499).

([2])أخرجه: الترمذي رقم (1284)، وابن ماجه رقم (2249)، وأحمد رقم (760).