الطَّرِيق فَكِلاهما
منتفِعٌ بهذا الاقترَاض، وَالشَّارِعِ لا يَنهى عَما يَنفَعُهم وَيُصْلحُهم،
وَإِنما يَنهى عَما يَضرُّهم. أ هـ.
وَبناءً على ما
اخْتارَه هذَان الإِمامان من مذهب من يَرَى جَوَازَ هذه المعَاملةِ، يَتضحُ أَن
التحْوِيل عن طَرِيق المصَارِفِ وَالبنوكِ من بلدٍ على بلدٍ عَمليَّةٌ جَائِزَةٌ
إِذَا خَلت من أَخْذِ المصْرِفِ أَو البنكِ زيَادة من العَميل ([1]). أَما إِذَا
أَخَذَها فَالمسأَلة موْضع إِشْكَال، وَتحْتاجُ إِلى دِرَاسةٍ متعَمقةٍ، وَالله
أَعْلم.
القرْض بالفَائِدَةِ:
عَلمنا مما سبق تحريم الفَائِدَةِ المشْترَطِ في القرْض، من الكتاب والسنة وَالإِجماع، وَأَن ذلك يَتناوَل أَيَّ فَائِدَةٍ يشتَرطها المقرِض على المقترِض، فَإِن مقصُودَ القرْض إِرْفَاق المقترِض وَنفْعُه، ليس مقصُودُه المعَاوَضةَ وَالرِّبحَ، وَلهذا شُبِّه بالعَارِيَةِ. حَتى سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم منيحَةَ وُرْق، فَكَأَنه أَعَارَه الدَّرَاهم ثُم استرْجَعَها منه، لكِن لم يمكن استرْجاعُ العَيْن فَاسترْجَعَ المثْل، فهو بمنزِلةِ من تبرَّعَ لغَيْرِه بمنفَعَةِ ماله ثُم استعَادَ العَيْن فَعلى هذا يكون القرْض بالفَائِدَةِ الذي تنتهجُه البنوكُ في العَصْرِ الحَاضرِ هو الرِّبا الصَّرِيحُ الذي حَرَّمه الله وَرَسوله، وَترَتب عليه الوَعِيدُ الشَّدِيدُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، حيث تقوم تلك البنوكُ بعَقدِ صَفَقات القرُوض بيْنها وَبيْن ذَوِي الحَاجَات وَأَرْباب التجَارَات وَأَصْحَاب المصَانعِ وَالحِرَفِ المختلفةِ، فَتدْفَعُ لهؤلاء مبالغَ من المال نظِيرَ فَائِدَةٍ محَدَّدَةٍ بنسبة مئَوِيَّةٍ، وَتزْدَادُ هذه النسبة في حَالةِ التأَخُّرِ عن السدَادِ في
الصفحة 1 / 261