هل للعَاميِّ أَن
يَجْتهدَ:
لا يجُوز للعَاميِّ
الاجتهاد في الأَحْكَام؛ لأَنه غير مؤَهل لذَلكَ، ولكن عليه أَن يَسأَل أَهل العلم
عَما أَشْكَل عَليْه، قال الله تعالى: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43].
وَإِن كان من اجتهاد
للعَاميِّ فَإِنما هو بالتماس العَالم الثِّقةِ الذي يَرْجُو أَن يَدُله على الحق
وَالصَّوَاب.
ما الذي يَتغَيَّرُ
بتغَيُّرِ الزمان وَالمكان:
الأَحْكَام
الشَّرعيَّة ثَابتةٌ لا تتغَيَّرُ بتغَيُّرِ الزمان وَالمكان؛ لأَنها تنزِيل من
حَكِيم حَميدٍ، وَإِنما الذي يَتغَيَّرُ هو اجتهاد المجتهد وَفَتوَاه بحَسب ما
يَظْهرُ له من الأَدِلةِ، فَقدْ يُفْتي في وَقت بحُكْم حَسبما يَظْهرُ له في ذلك
الوَقت وَحَسبما لدَيْه من الاستعْدَادِ العِلميِّ، ثُم يَتبيَّن له في وَقت آخَرَ
خِلافَ ما أَفْتى به سابقا، أَو يَتجَدَّدُ لدَيْه عِلم أَكْثَرَ مما كان لدَيْه
سابقا، فَيجب عليه حِيْنئِذٍ أَن يُفْتي بحَسب ما ظَهرَ له لاحِقا، وَلا يَبقى على
اجتهاد تبيَّن له خَطَؤُه أَو قصُورُه.
وَليس معنى تغَيُّرِ
الفَتوَى ما يَفْهمه بعض الجُهال أَو المغْرِضين أَن ذلك من أَجْل مجَارَاةِ
العُصُورِ، أَو أَهوَاءِ الناس وَرَغْباتهم، فَإِن ذلك من أَعْظَم الضلال، قال
الله تعالى: ﴿وَمَنۡ
أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيۡرِ هُدٗى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [القصص: 50].
الخاتمة:
نتيجَةً لما سبق بحْثُه في هذه العُجَالةِ في موضوع الاجتهاد، نأْتي على القوْل في مسأَلة مطْرُوحَةٍ للبحْثِ وهي فَتحُ باب الاجتهاد في هذا الزمان فَنقول: إِن الاجتهاد مطْلوب من عُلماءِ المسلمين في كُل وَقت؛
الصفحة 1 / 261