وَالحِكْمةِ.
وَإِباحَتها هي حُكْم الجَاهليَّةِ المبنيُّ على الهوَى وَالجَهل ﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ
ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50] وطاعة الله في تحريمها توحيد. وطاعة أَهل
الجاهلية في إباحتها ﴿وَإِنۡ
أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ﴾ [الأنعام: 121] ؛
لأَن التحْليل وَالتحريم حَق الله سبحانه لا يُشَارِكُه فيه أَحَدٌ ﴿يَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ
لِحُكۡمِهِۦۚ﴾ [الرعد: 41].
المسأَلة
الثَّانيَةُ: في بيَان ما يُستثْنى من الميْتةِ مما يجُوز أَكْله منها مع الاستدْلال:
يُستثْنى نوعان
يُباحُ أَكْلهما:
النوع الأَوَّل: ميْتةُ البحْرِ:
لقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ
لَكُمۡ صَيۡدُ ٱلۡبَحۡرِ وَطَعَامُهُۥ﴾ [المائدة: 96].فَالمرَادُ
بطعامه ما مات فيه من حَيَوَانه الذي لا يَعِيشُ إلاَّ فِيه، فَتكُون هذه الآيَةُ
مخَصِّصَةٌ لعُموم قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةَ﴾ [البقرة: 173].
وَقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ
ٱلۡمَيۡتَةُ﴾ [المائدة: 3].
وَلقوله في حديث ابن
عُمرَ رضي الله عنه «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا
الْمَيْتَتَانِ: فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ...» ([1]).
وَحديث أَبي هرَيرة رضي الله عنه أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال في البحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ([2]) وَكذلك حديث جَابرٍ في قصَّة العَنبرِ الذي أَلقاه البحْرُ فَأَكَل منه الصَّحابة نصْفَ شَهرٍ وَذَكَرُوا ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال:
([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (3314)، وأحمد رقم (5723)، والدارقطني رقم (4732).
الصفحة 1 / 261