إِحْدَى الرِّوَايَتيْن عَنه: أُولو الأَمرِ هم العُلماءُ، وهو إِحْدَى الرِّوَايَتيْن عن الإِمام أَحمد، وَقال أَبو هرَيرة وَابن عَباس في الروَاية الأُخْرَى وَزَيْدُ بن أَسلم، وَالسدِّيُّ وَمقاتل: هم الأُمرَاءُ، وهو الروَاية الثَّانيَةُ عن أَحمد». انتهى.
وَهكذا نجِدُ أَن الاجتهاد
في استنباطِ الأَحْكَام الشَّرعيَّة من أَدِلتها التفْصِيليَّةِ قدِيم وَمستمرٌّ
في تارِيخِ الإِسلام؛ لأَنه هو الفِقه في الدِّين الذي قال عنه الرسول صلى الله
عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ([1])، وقال تعالى: ﴿فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ
فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ﴾ [التوبة: 122].
وعملاً بذلك أَقبل
علماء الإِسلام على نصوص الكتاب والسنة فحفظوها، واستنبطوا منها الأَحكام الشَّرعيَّة،
وفجَّروا منها ينابيع العلم، واجتهدوا في تطبيقها على النوازل، فكان من آثار هذا
العمل الجليل تلك الأَسفار الضخمة التي تزخر بها المكتبات الإِسلامية، إنها كتب
الفقه الإِسلامي التي نعتز بها ونجد فيها حلولاً لمشكلاتنا، ونجد فيها أكبر عون
على فهم الكتاب والسنة، فجزاهم الله عن الإِسلام والمسلمين خير الجزاء، ووفَّق الله
الخَلَف للانتفاع بعلم السَّلَف.
شروط الاجتهاد:
أَما شروط الاجتهاد، فَإِنه لما كَانت مرْتبةُ الاجتهاد وَاستنباطِ الأَحْكَام مرْتبةً خَطِيرَةً لأَن ذلك يَتضمن الإِخْبارَ عن حُكْم الله، وَالاجتهاد عُرْضةٌ للخَطَأِ، وَهذا يَترَتب عليه آثَارٌ سيِّئَةٌ على الأَجْيَال
الصفحة 1 / 261