الخَاتمةُ:
تبيَّن لنا مما سبق،
شِدَّةُ تحريم الرِّبا وَخُطُورَته، وَأَن آكِله وَالمعِين على أَكْله كِلاهما
ملعُون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وَأَن الوَسائِل المفْضيَةَ إِليْه
تأْخُذُ حُكْمه في التحريم وَالإِثْم، وَأَن من استباحَه فهو كافر. وَمن أَكَله مع
الإِقرَارِ بتحْرِيمه فهو فَاسق، وقد عَرَفْنا ما الرِّبا وما الأَشياء التي
يَدْخُلها.
فَيجب على المسلم
الاِبتعَادُ عنه وَالتحَرُّزُ منه - لأَنه قد كَثُرَ الوُقوعُ فيه في هذا الزمان
لما طَغَت المادَّةُ، وَضعُفَ المسلمون وَفَشَا الجَهل بأَحْكَام الدِّين، وقد
أَخْبرَ النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فِيما رواه أَبو هرَيرة رضي الله عنه أَنه
قال: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ إلاَّ
أَكَلَ الرِّبَا، فَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ أَصَابَهُ مِنْ غُبَارِهِ» ([1]).
قال المناوِيُّ في شَرْحِ هذا الحديث: «لَيَأْتِيَنَّ»: اللام جواب قسم المحْذُوفِ، «عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ»: أَيْ من الناس، «أَحَدٌ إلاَّ أَكَلَ الرِّبَا»: الخَالصَ، «فَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ أَصَابَهُ مِنْ غُبَارِهِ»: أَيْ يَحِيق به وَيَصِل إِليْه من أَثَرِه؛ بأَن يكون موَكَّلا، أَو متوَسطًا فِيه، أَو كَاتبا، أَو شَاهدًا، أَو معَاملاً المرَابيَ، أَو من عَامل معه وَخَلطَ ماله بماله. ذَكَرَه البيْضاوِيُّ - إِلى أَن قال: وَفِي روَاية: «مِنْ بُخَارِهِ» وهو ما ارْتفَعَ من الماءِ من الغَليَان كَالدُّخَان؛ وَالماءُ لا يَغْلي إلاَّ بنارٍ توقدُ تحْته. وَلما كان المال المأْكُول من الرِّبا يَصِيرُ نارًا يَوْم القيَامةِ يَغْلي منه دِماغُ آكِله، وَيَخْرُجُ منه بخَارٌ، ناسب جَعْل البخَارِ من أَكْل الرِّبا - وَالبخَارِ وَالغُبارِ
الصفحة 1 / 261