×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

قال النوَوِيُّ: في هذا الحديث أَنه لا يجُوز بيْعُ ذَهب مع غيره بذَهب حَتى يُفْصَل، فَيُباعُ الذَّهب بوَزْنه ذَهبا، وَيُباعُ الآخَرُ بما أَرَادَ. وَكَذَا لا تباعُ فضة مع غيرها بفضة. وَكَذَا الحِنطَةُ مع غيرها بحِنطَةٍ، وَالملحُ مع غيره بملحٍ. كَذَا سائِرُ الرِّبوِيَّات بل لا بد من فَصْلها ([1]). وَقال شَيخ الإِسلام ابن تيميَّة: وَأَصْل مسأَلة مدِّ عَجْوَةٍ ([2]) أَن يَبيعَ مالاً رِبوِيًّا بجِنسه وَمعَهما أَو مع أَحَدِهما من غير جِنسهما، فَإِن للعُلماءِ في ذلك ثَلاثَةَ أَقوَال:

أَحَدُهما: المنعُ مطْلقا، كَما هو مذهب الشافعيِّ.

وَالثَّاني: الجَوَازُ مطْلقا، كَقوْل أَبي حَنيفَةَ، وَيُذْكَرُ روَاية عن أَحمد.

وَالثَّالثُ: الفَرْق بيْن أَن يكون المقصُودُ بيْعَ الرِّبوِيِّ بجِنسه متفَاضلا، أَو لا يكون وَهذا مذهب مالكٍ، وأَحمد في المشْهورِ عَنه، ثُم رَجَّحَ القوْل الثَّالثُ حيث قال:

فَإِن الصَّوَاب في مثْل هذا القوْل بالتحْرِيم، كَما هو مذهب مالكٍ وَالشافعيِّ وأَحمد.

وَإِلا فَلا يَعْجِزُ أَحَدٌ في رِبا الفَضل أَن يَضم إِلى القليل شَيْئًا من هذا انتهى.

ماذَا يَفْعَل من تاب من الرِّبا:

التوْبةُ مطْلوبةٌ وَوَاجِبةٌ على العَبدِ من كُل ذَنب في أَسرَعِ وَقت ممكِن قبل فَوَات أَوَانها. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٖ فَأُوْلَٰٓئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا ١٧


الشرح

([1])شرح النووي على صحيح مسلم رقم (11/ 18).

([2])قال في القاموس (4/ 359)، والعجوة بالحجاز التمر المخشي وتمر بالمدينة.