وَلَيۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّئَِّاتِ
حَتَّىٰٓ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٰٔنَ وَلَا
ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا
أَلِيمٗا﴾ [النساء: 17- 18] وَالرِّبا من أَعْظَم الذُّنوب بعد الشِّرْكِ بالله فهو
أَحَدُ السبعِ الموبقات، فَتجِب المبادَرَةُ بالتوْبةِ منه على من كان يَتعَاطَاه.
فَإِذَا مَنَّ الله على المرَابي فَوَفَّقه فَتاب، وقد تعَامل بالرِّبا فَماذَا
يَفْعَل للتخَلصِ من أَموَال الرِّبا؟ إِنه لا يَخْلو من إِحْدَى حَالتيْن:
الحَالةِ الأُولى: أَن يكون الرِّبا له في ذِمم الناس لم يَقبضه بعْدُ، فَفِي هذه الحَالةِ قد أَرْشَدَه الله تعالى أَن يَسترْجِعَ رَأْس ماله وَيَترُكَ ما زَادَ عليه من الرِّبا فَلا يَستوْفِيه ممن هو في ذِمته، قال الله تعالى: ﴿وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَٰلِكُمۡ لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 279] قال الإِمام القرْطُبيُّ رحمه الله: رَوَى أَبو داود «سنن أَبي داود» عَن سليْمان بن عُمرَ، عن أَبيه قال: سمعْت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حِجَّةِ الوَدَاعِ: «أَلاَ إِنَّ كُلَّ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، لَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ» ([1]). فَرَدَّهم تعالى مع التوْبةِ إِلى رُؤُوس أَموَالهم، وَقال لهم: «لاَ تَظْلِمُونَ» فِي أَخْذِ الرِّبا، «وَلاَ تُظْلَمُونَ» في مطْل؛ لأَن مطْل الغَنيِّ ظُلم؛ فَالمعْنى: أَنه يكون القضاءُ مع وَضعِ الرِّبا - إِلى أَن قال: قوله تعالى: ﴿وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَٰلِكُمۡ﴾ [البقرة: 279] يَعْني إِن ترَكْتم الرِّبا وَتبتم إِلى الله منه وقد عَاقدْتم عليه فَإِنما لكُم رُؤُوس أَموَالكُم لا تزَادَوُن عَليْها فَتظْلمون الآخِذَ وَلا تنقصُون منها فَيَظْلمكُم من أَخْذِها. فَإِن كان هذا القابض معْسرًا، فَالوَاجِب إِنظَارُه إِلى ميْسرَةٍ، وَإِن تصَدَّقتم عليه وَأَبرَأْتموه فهو أَفْضل لكُم وَخَيْرٌ لكُم.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (3334)، والترمذي رقم (3087)، وابن ماجه رقم (3055).