×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

ثَانيًا: حُكْم اللحُوم المستوْرَدَةِ

أَقسام اللحُوم المستوْرَدَةِ:

وَأَكْتفِي بهذا العَرْض الموجَزِ لشروط الذَّكاة لأَنتقل إِلى مسأَلة لها عَلاقةٌ وَطِيدَةٌ بهذا الموضوع ألاَ وهي مسأَلة الذبائح المستوْرَدَةِ إِلى بلادِنا من البلادِ الخَارِجِيَّةِ، هل تتوَفَّرُ فيها تلك الشروط فَتكُون مباحَةً، أَو لا تتوَفَّرُ فيها فَتكُون محَرَّمةً، لا شَكَّ أَن قضيَّةً كَهذه لها دَوْرٌ هام في حياة المسلمين؛ لأَن الغِذَاءَ له قوَّةٌ في التأْثِيرِ على سلوكِ الإِنسان، وَهذه اللحُوم يَتغَذَّى بها أَعْدَادٌ كَبيرَةٌ من المسلمين، وقد كَثُرَ التساؤُل عن حُكْمها وَاخْتلفَت أَقوَال المجِيبين عن تلك التساؤُلات اخْتلافًا رُبما زَادَ الأَمرَ تعْقيدًا. وَالمستوْرَدُ من اللحُوم يَنقسم إِلى أَرْبعَةِ أَقسام:

القسم الأَوَّل: ما كان من اللحُوم مستوْرَدًا من بلادٍ كافرةٍ، أَهلها من غير أَهل الكِتاب، أَو ذَبحَه كافر غير كِتابيٍّ في أَيِّ بلدٍ، فَهذا حَرَام بالإِجماع.

القسم الثَّاني: ما كان مستورَدًا من بلادٍ كافرةٍ أَهلها أَهل كِتاب، أَو ذَبحَه كِتابيٌّ في أَيِّ بلدٍ وَعُلم في هذا النوع أَنه ذُبحَ على الطَّرِيقةِ الشَّرعيَّة، فهو حَلال بالإِجماع.

القسم الثَّالثُ: ما كان مستوْرَدًا من بلادٍ كافرةٍ أَهلها أَهل كِتاب، وَعُلم أَنهم ذَبحُوه على غير الطَّرِيقةِ الشَّرعيَّة فَهذا النوع جمهور الأُمةِ على تحْرِيمه، وقد أَفْتى بحِله بعض العلماء المتأَخِّرِين منهم القاضي ابن العَرَبيِّ المالكِيُّ محْتجًّا بعُموم قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ [المائدة: 5]، حيث قال في كِتابه أَحْكَام القرْآن في تفْسيرِ هذه الآيَةِ:


الشرح