منهما، وَليُقارِن
بيْن آثَارِهما على المجْتمعِ؛ فَالمتصَدِّق يُعْطِي المال بغَيْرِ عِوَض يُقابله.
وَالمرَابي يَأْخُذُ المال بغَيْرِ عِوَض يُقابله، فَالمتصَدِّق يُوَسعُ على
المحْتاجِين وَيُفَرِّجُ كَرْب المكْرُوبين. وَالمرَابي يُضيِّق على المحْتاجِين
وَيَنتهزُ فُرْصَةَ عِوَزِهم ليُثْقلهم بالدُّيُون؛ فَيَزِيدُهم كُرْبةً إِلى
كُرْبتهم، بيْنما المتصَدِّق قد وَقاه الله شُحَّ نفْسه فَانتصَرَ عَليْها.
وَالمرَابي قد تملكَه الجَشَعُ وَأَهلكَه الشُّحُّ كَما أَهلكَ من قبله فَاستحَل
محَارِم الله بأَدْنى الحِيَل.
الحِكْمةُ في تحريم
الرِّبا:
يُلخِّصُ العَلامةُ
ابن حَجَرٍ الهيْتميُّ في كِتاب الزَّوَاجِرِ، تلك الحِكْمة في النقاطِ التاليَةِ:
1- انتهاك حُرْمةِ
مال المسلم بأَخْذِ الزَّائِدِ من غير عِوَض.
2- الإِضرَارُ
بالفَقيرِ لأَن الغَالب غِنى المقرِض وَفَقرِ المستقرِض، فَلوْ مكِّن الغَنيُّ من
أَخْذِ أَكْثَرَ من المِثْل أَضرَّ بالفَقيرِ.
3- انقطَاعُ
المعْرُوفِ وَالإِحْسان الذي في القرْض؛ إِذْ لوْ حَل دِرْهم بدِرْهميْن ما سمحَ
أَحَدٌ بإِعْطَاءِ دِرْهم بمثْله.
4- تعَطُّل المكَاسب
وَالتجَارَات وَالحِرَفِ وَالصِّناعَات التي لا تنتظِم مصَالحُ العَالم إلاَّ بها؛
إِذْ من يَحْصُل على دِرْهميْن بدِرْهم كَيْفَ يَتجَشَّم مشَقةَ كَسب أَو
تجَارَةٍ؟.
إِنَّ الله سبحانه
وتعالى يُشَرِّعُ لعِبادِه ما يُرَبيهم على الترَاحُم وَالتعَاطُفِ، وَأَن يكون
كُل منهم عَوْنًا للآخَرِ. - وَلا سيَّما - عند شِدَّةِ الحَاجَةِ إِليْه. وَلذلك
حُرِّم عَليْهم الرِّبا الذي هو استغْلال ضرُورَةِ إِخْوَانهم. وَأَحَل البيْعَ
الذي لا يَخْتصُّ الرِّبحُ فيه بأَكْل الغَنيِّ الوَاجِدِ مال الفَقيرِ الفَاقدِ،