أَوَّلا: الذَّكاة الشَّرعيَّة وَأَحْكَامها
تعريف الذَّكاة
لغَةً وَشَرْعًا:
وَالذَّكاة في
اللغَةِ: تمام الشَّيْءِ وَمنه الذَّكَاءُ في الفَهم، يُقال فُلان ذَكِيٌّ، إِذَا
كان تام العَقل سرِيعَ القبول ([1]).
وَهيَ شَرْعًا: ذَبحُ أَو نحْرُ
الحَيَوَان المأْكُول بقطْعِ حُلقومه وَمرِّيْئِه أَو عَقر الممتنعِ وقد أَجْمعَ
العلماء على أَنه لا يَحِل الحَيَوَان المأْكُول غير السمكِ وَالجَرَادِ إلاَّ
بذَكَاةٍ أَو ما في معنى الذَّكاة، وَالحِكْمةُ فيها تطْيِيب الحَيَوَان المذَكَّى
بإِسالةِ دَمه الضارِّ وَذِكْرِ اسم الله عليه بدَليل قوله صلى الله عليه وسلم: «مَا
أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلوا» ([2]).
وَأَنهرَ الدَّم معْناه أَساله وَصَبَّه، فَدَل الحديث على أَن القصْدَ من الذَّكاة استخْرَاجُ الدَّم الخَبيثِ من الذبيحة وَالتنبيه على أَن تحريم الميْتةِ لبقاءِ دَمها فِيها. فَإِن الميْتةَ إِنما حُرِّمت لاحْتقان الرُّطُوبةِ وَالفَضلات وَالدَّم الخَبيثِ فِيها؛ فَالذَّكاة لما كَانت تزِيل ذلك الدَّم وَالفَضلات كَانت سبب الحِل، فَليس السبب في تحريم الميْتةِ مجرَّد موْتها؛ لأَن الموْت يَحْصُل بالذَّكاة أَيْضا. وَلذلك يَحِل السمكُ وَالجَرَادُ بالموْت بدُون ذَكَاةٍ لأَنه ليس فيها فَضلات وَدَم، وَحَرُمت الميْتةُ أَيضًا لأَنها فَقدَت ذِكْرَ اسم الله عَليْها؛ لأَن ذِكْرَ الله على الذبيحة يُطَيِّبها وَيَطْرُدُ الشَّيْطَان عَنها. فَالذَّكاة تطَيِّب الحَيَوان حِسيًّا بإِخْرَاجِ الدَّم وَالفَضلةِ منه، وَمعْنوِيًّا بطَرْدِ الشَّيْطَان عنه بذِكْرِ الله عليه.
الصفحة 1 / 261