محَل الذَّكاة:
وَللزَّكَاةِ
الشَّرعيَّة محَل معَيَّن وَلها شروط:
فَأَما محَلها
فَيَخْتلفُ باخْتلافِ حَالات الحَيَوَان، فَتارَةً يكون مقدُورًا عَليْه، وَتارَةً
يكون غير مقدُورٍ عَليْه، فَإِن كان مقدُورًا عليه فَقدْ اتفَقوا على أَن محَل
الذَّكاة هو الحَلق وَاللبةِ وَلا يجُوز الذَّبحُ في غير هذا المحَل بالإِجماع
كَما حَكَاه صاحب المغْني وَإِنما اخْتصَّت الذَّكاة بهذا المحَل لأَنه مجْمعُ
العُرُوق؛ فَإِذَا وَقعَت الذَّكاة فيه انسكَبت الدِّماءُ وَأَسرَعَ زُهوق النفْس،
فَيكون ذلك أَطْيَب للحْم وَأَخَفَّ على الحَيَوَان المذَكَّى، وَالذَّكاة في
الحَلق تسمى ذَبحًا، وَتكُون فِيما عَدَا الإِبل، وَفِي النحْرِ تسمى نحْرًا
وَتكُون للإِبل خَاصَّةً.
وَإِن كان
الحَيَوَان غير مقدُورٍ عليه لكَوْنه متوَحِّشًا أَصْلا، أَو توَحَّشَ بعد
استئْناس أَو ترَدَّى في بئْرٍ وَنحْوِه فَهذا تكُون تذْكِيَته بجَرْحِه من أَيِّ
موْضعٍ من بدَنه بشَيْءٍ حَادٍّ من سهم وَنحْوِه لحديث رَافِعِ بن خدِيْجٍ رضي
الله عنه قال: «كُنَّا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَنَدَّ
بَعِيرٌ مِن إِبِلِ القوم ولم يكن معهم خيل فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ
فقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لَهَذه البهائم أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ
الْوَحْشِ، فَمَا فعل مِنْهَا هذا فَافعلوا بِهِ هَكَذَا» ([1]).
وَلحديث عَدِيِ بن حَاتم رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صَيْدِ المِعْرَاض قال: «إِذَا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَبْتَ بِعَرْضِهِ فَلاَ تَأْكُلْ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ» ([2]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (5223)، ومسلم (1968).