وَالمعْرَاض بكَسرِ
الميم وَسكُون العَيْن عَصًا رَأْسها محَدَّدٌ، وَقال تعالى: ﴿وَمَا عَلَّمۡتُم مِّنَ
ٱلۡجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُۖ
فَكُلُواْ مِمَّآ أَمۡسَكۡنَ عَلَيۡكُمۡ وَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهِۖ﴾ [المائدة: 4].
فَدَلت هذه النصُوصُ
على أَن ما لا يُقدَرُ عليه من الصَّيْدِ وما في حُكْمه تكُون تذْكِيَته بإِصَابته
في أَيِّ موْضعٍ من بدَنه، إِذَا مات من جَرَّاءِ تلك الإِصَابةِ قبل الوُصُول
إِليه بشروط وَاعْتبارَات مذْكُورَةٍ في «باب الصَّيْدِ» من كُتب الفِقه؛ أَما
المقدُورُ عليه ابتدَاءً أَو الصَّيْدُ الذي تمكَّنا من إِمساكِه وَفِيه حياة مستقرَّةٌ،
فَإِنه لا يَحِل إلاَّ بتذْكِيَته في المحَل المعَيَّن وَبشروط معْتبرَةٍ، بعضها
يُعْتبرُ في الذَّابحِ، وَبعضها يُعْتبرُ في آلةِ الذَّبحِ، وَبعضها يُعْتبرُ في
صِفَةِ الذَّبحِ.
شروط الذَّكاة:
فَقدْ نصَّ
فُقهاؤُنا على أَنه يشتَرط للذَّكَاةِ أَرْبعَةُ شروط:
أَوَّلها: أَهليَّةُ
المذَكِّي، وَإِنما يكون أَهلاً للذَّكَاةِ من توَفَّرَ فيه شرطان:
الشَّرط الأَوَّل: أَن يكون عَاقلا؛
لأَن الذَّكاة يُعْتبرُ لها القصْدُ كَالعِبادَةِ، وَمن لا عَقل له كَالمجْنون
وَغَيْرِه لا يَصِحُّ منه القصْدُ، فَيكون ذَبحٌ بمثَابةِ ما لوْ وَقعَت
الحَدِيدَةُ بنفْسها على حَلق شَاةٍ فَذَبحَتها.
الشَّرط الثَّاني: أَن يكون
الذَّابحُ ذَا دِين سماوِيٍّ، مسلما كان أَو كِتابيًّا، قال تعالى: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيۡتُمۡ﴾ [المائدة: 3]: أَيْ
ما ذَكَّاه المسلمون؛ لأَن الخِطَاب لهم، وَقال تعالى: ﴿وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ﴾ [المائدة: 5].
فَمفْهوم الآيَةِ تحريم ذبائح الكفار غير الكِتابيِّين لأَنهم لا كِتاب لهم وَهذا مجْمعٌ عَليْه، وَالحِكْمةُ في ذلك - وَالله أَعْلم - أَن ذَبحَ هؤلاء