يُكْسب الذبيحة خُبثًا، قال الإِمام ابن القيِّم
رحمه الله: «إِن ذَبحَ هؤلاء يُكْسب المذْبوحَ خُبثًا أَوْجَب تحْرِيمه؛ لأَن
ذِكْرَ اسم الأَوْثَان وَالكَوَاكِب وَالجِن على الذبيحة يُكْسبها خُبثًا،
وَذِكْرُ اسم الله وَحْدَه يُكْسبها طِيبا».
فَإِن قيل: لماذَا
أُبيحَت ذبيحة الكِتابيِّ مع أَنه كافر؟.
فَالجَوَاب: إِن
هناكَ فَرْقًا بيْن أَهل الكِتاب وَبيْن غيرهم من الكفار؛ لأَن أَهل الكِتاب
يُؤْمنون بالبعْثِ وَالجَزَاءِ وَالنبوَّات في الجُملةِ، أَما عَبدَةُ الأَوْثَان
فَهم يَكْفُرُون بالبعْثِ وَالجَزَاءِ، وَيَكْفُرُون بالرُّسل جَميعًا
وَيُعَادُونهم، وَأَهل الكِتاب في دِينهم تحريم الميْتةِ، وَالوَثَنيُّون
يَستحِلون الميْتةَ.
الشَّرط الثَّاني:
من شروط صِحَّةِ الذَّكاة: يَتعَلق بآلةِ الذَّبحِ فَلا بد أَن يَتوَفَّرَ فيها
شرطان:
الشَّرط الأَوَّل: أَن تكُون محَدَّدَةً
تجْرَحُ بحَدِّها لا بثِقلها؛ كَالسكِّين وَالسيْفِ وَالحَجَرِ المحَدَّدِ وغير
ذلك.
الشَّرط الثَّاني: أَن لا تكُون
سنًّا وَلا ظُفْرًا، فَإِذَا توَفَّر فيها هذَان الشَّرطان حَل الذَّبحُ بها لقوله
صلى الله عليه وسلم «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلوا،
مَا لَمْ يَكُنْ سِنًّا أَوْ ظُفُرًا، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا
السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ» ([1]).
وَما جَرَحَ بثِقله لا تحْصُل به الذَّكاة لأَن ذلك وَقذٌ، وقد حَرَّم الله الموْقوذَةَ، وَفِي حديث عَدِيٍّ قال: سأَلت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صَيْدِ المعْرَاض؛ قال: «إِذَا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَبْتَ بِعَرْضِهِ فَلاَ تَأْكُلْ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ» ([2]). وَالوَقيذُ ما قتل بمثْقل.
([1])أخرجه: البخاري رقم (2372)، ومسلم رقم (1968).