وَيُلاحَظُ أَنني
رَكَّزْت على الرِّبا أَكْثَرَ؛ وَذلك لعَظِيم ضرَرِه وَبالغِ خَطَرِه، وَكَثْرَةِ
الوُقوعِ فِيه، خُصُوصًا في عَصْرِنا هذَا، الذي طَغَت فيه المادَّةُ وَاستوْلى
الطَّمعُ وَالجَشَعُ وَالشُّحُّ على قلوب كَثِيرٍ من الناس؛ مما يُوجِب على
العلماء عُمومًا وَعلى الباحِثِين خُصُوصًا أَن يُوَجِّهوا عِنايَتهم وَيُسخِّرُوا
أَقلامهم وَيُضمِّنوا كَلماتهم وَمحَاضرَاتهم تشْخِيصَ هذا الدَّاءِ العُضال
وَالتحْذِيرِ منه ﴿لِّيَهۡلِكَ
مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَيِّنَةٖ وَيَحۡيَىٰ مَنۡ حَيَّ عَنۢ بَيِّنَةٖۗ﴾ [الأنفال: 42] ولتبرأ الذمة وتقوم الحجة عملاً بقوله تعالى: ﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ
مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا
تَكۡتُمُونَهُۥ﴾ [آل عمران: 187] هذا وَنسأَل الله عز وجل أَن يُوَفِّق المسلمين للعَمل
بكِتابه، وَاتباعِ سنةِ رَسوله، وَالاكْتفَاءِ بالحَلال عن الحَرِام.
تعريف البيْعِ لغَةً وَشَرْعًا:@@@@
البيْعُ لغَةً: مصْدَرُ بعْت -
يُقال: باعَ يَبيعُ بمعنى ملكَ وَبمعنى اشْترَى وَكذلك شَرَى يكون لمعْنيَيْن.
وَاشْتقاقه من الباعِ؛ لأَن كُل وَاحِدٍ من المتعَاقدَين يَمدُّ باعَه للأَخْذِ
وَالإِعْطَاءِ وَيُقال للبائِعِ وَالمشتري بيِّعَان - بتشْدِيدِ اليَاءِ -
وَأَباعَ الشَّيْءَ عَرَضه للبيْعِ ([1]).
وَشَرْعًا: البيْعُ: مبادَلةُ
المال بالمال تمليكًا وَتملكًا، وَعَرَّفَه بعضهم بأَنه: مبادَلةُ مال وَلوْ في
الذِّمةِ أَو منفَعَةٍ مباحَةٍ بمثْل أَحَدِهما على التأْبيدِ وَالتعريفان
متقارِبان وَيَتضمنان ما يَلي:
1- أن البيْعَ يكون من طَرَفَيْن تحْصُل بيْنهما المبادَلةُ.
الصفحة 1 / 261