×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

 عَبدِ الله رضي الله عنهما قال: أَمرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن نضرِب بهذا -يَعْني السيْفَ- مَن عَدَل عن هذا - يَعْني المصْحَفَ».

هذا وَللسلطَةِ القضائِيَّةِ عَلاقةٌ بالسلطَةِ التنفِيذِيَّةِ من وَجْه آخَرَ - وهو أَن القضاةَ إِنما يَتم تعْيِينهم وَتوْليَتهم القضاءَ من قبل الوُلاةِ الذين هم السلطَةُ التنفِيذِيَّةُ حيث يجب على الإِمام أَن يُنصِّب في كُل إِقليم قاضيًا؛ لأَن الإِمام هو القائِم بأَمرِ الرَّعِيَّةِ المتكَلم بمصْلحَتهم المسؤُول عَنهم، فَيَبعَثُ القضاةَ إِلى الأَمصَارِ لفِعْل النبي صلى الله عليه وسلم وَفِعْل خُلفَائِه، كَما أَن الإِمام هو المكَلفُ بتحَرِّي الأَصْلح من القضاةِ فَيَخْتارُ أَفْضل من يَجِدُه عِلمًا وَوَرَعًا، وَمن لم يَعْرِفْه سأَل عنه وَتوَثَّق من صَلاحِيَته.

كَما أَن الإِمام وهو رَأْس السلطَةِ التنفِيذِيَّةِ مكَلفٌ باستبدَال من زَالت أَهليَّته من القضاةِ بسبب زَوَال عَقله أَو مرَضه مرَضًا يَمنعُه من مزَاوَلةِ القضاءِ أَو اتصَفَ بما يُنافِي الأَهليَّةَ من فِسق أَو اخْتلالِ شرط من شروط الصَّلاحِيَةِ - وَأَحْسبني بما كَتبت قد أَعْطَيْت إِلمامةً سرِيعَةً عن عَلاقةِ السلطَةِ القضائِيَّةِ بالسلطَةِ التنفِيذِيَّةِ، وَللاستزَادَةِ من هذا ترَاجَعُ مطَوَّلات الكُتب الفقهية؛ وَجَدِيرٌ بنا بعد ذلك أَن ننتقل لبحْثِ المسأَلة الثَّانيَةِ وهي مسأَلة استقلال القضاءِ وَضماناته.

استقلال القضاءِ:

يُقصَدُ باستقلال القضاءِ: أَن لا يَقعَ القضاءُ تحْت تأْثِيرِ سلطَةٍ أَو شَخْصٍ من شَأْنه أَن يَنحَرِفَ بالقضاءِ عن هدَفِه الأَسمى، وهو إِقامةُ العَدْل بيْن الناس وَإِيصَال الحقوق إِلى أَصْحَابها، فَيجب أَن يكون القاضي متحَرِّيًا لإقامةِ العَدْل بيْن الناس، لا يَخْشَى في الله لوْمةَ لائِم،


الشرح