×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

 قال الله تعالى: ﴿وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ [آل عمران: 159].

كذلك ليس معنى استقلال القاضي أَن لا يُقلدَ أَحَدًا من العلماء عند الحَاجَةِ، فَحِينما لا يُوجَدُ مجتهد يَصْلحُ للقضاءِ فَإِنه يُوَلَّى المقلدُ لأَحَدِ الأَئمة الأَرْبعَةِ فَيُرَاعِي أَلفَاظَ إِمامه وَمتأَخِّرها، وَيُقلدُ كِبارَ مذْهبه في ذلك وَيَحْكُم به - قال شَيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: «وَتجِب وِلايَةُ الأَمثَل فَالأَمثَل، وَعلى هذا يدل كَلام أَحمد وَغَيْرِه، فَيُوَلي لعَدَمه أَنفَعَ الفَاسقين وَأَقلهما شَرًّا، وَأَعْدَل المقلدِين وَأَعْرَفِهما بالتقليدِ». قال في الفُرُوعِ: وهو كَما قال.

ضمانات استقلال القضاءِ:

لكَي يَبقى القضاءُ مستقلا يُؤَدِّي دَوْرَه المهم في الحياة، من الفَصْل في القضايَا وَحَل المشْكِلات، وَإيْصَال الحقوق لمستحِقيها وَمنعِ المعْتدِين؛ - ولتحْقيق ذلك لا بد من ضمانات تؤَمن له هذا الاِستقلال، وَتلكَ الضمانات منها ما يكون من قبل السلطان وَمنها ما يكون من قبل القاضي، فَالذي من قبل السلطان يَتلخَّصُ فِيما يَلي:

1- أَن يَمتنعَ هو وَيَمنعَ غيره من التدَخُّل في شُؤُون القاضي، فَلا يَسمحُ لأَيِّ إِنسان مهما عَلت مرْتبته أَن يَتدَخَّل في حُكْم القاضي ما دَام مطَابقًا للشَّرْعِ؛ وَتحْقيقًا لذلك يُعَاقب السلطان كُل من يُحاول التدَخُّل في حُكْم القاضي، أَو حاول تحْوِيله عن مجْرَاه الصحيح أَو التأْثِيرِ عليه.

2- سرَيَان حُكْم القاضي على الكَبيرِ وَالصَّغِيرِ، وَالغَنيِّ وَالفَقيرِ، بحيث لا يَمتنعُ أَحَدٌ من المثُول أَمام القاضي مع خَصْمه إِذَا كان طَرَفًا في قضيَّةٍ وَلا يَمتنعُ من تنفِيذِ الحُكْم عَليه، فَقدْ قال النبي صلى الله عليه وسلم «إِنَّمَا أَهْلَكَ من كان قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ 


الشرح