×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

لشِدَّةِ حَاجَةِ المسلمين إِليه بسبب تجَدُّدِ المشْكِلات التي تحْتاجُ إِلى بحْثٍ لمعْرِفَةِ حُكْمها في الإِسلام؛ لأَن شَرِيعَةَ الإِسلام صَالحَةٌ وَشَاملةٌ لكل زمان وَمكان إِلى قيَام الساعَةِ، وَفِي كُتب الفِقه الإِسلاميِّ المستنبطِ من الكتاب والسنة أَكْبرُ عَوْن لحَل تلك المشْكِلات، وَإِلحَاقها بنظَائِرِهَا مما تحْوِيه تلك الكُتب. ولكن الشَّأْن فِيمن يَتوَلى تلك المهمةِ وَمن يَقوم بهذا الوَاجَب، إِن المجتهد المطْلق لا نكَادُ نطْمعُ بوُجُودِه، وقد اشْتكَى فَقدَه الفقهاء منذُ زَمن طَوِيل - كَما مرَّ في كَلام صاحب «الإِنصَافِ» -، حيث نقل عن ابن حِمدَان أَنه قال: «وَمن زَمن طَوِيل عُدِم المجتهد المطْلق». هذا في زمان ابن حِمدَان، وَفِي زَمننا هذا فَقدُه أَشَدُّ. حيث أَخْبرَ النبي صلى الله عليه وسلم بانتزَاعِ العِلم بموْت العلماء في آخِرِ الزمان حَتى لا يَبقى عَالم، وَلا حَوْل وَلا قوَّةَ إلاَّ بالله، فَلم يَبق إلاَّ الأَنواع الأُخْرَى من الاجتهاد وهي الاجتهاد المذْهبيُّ وَالاجتهاد الجُزْئِيُّ. فَهذَان النوعان يمكن الاستفَادَةُ منهما في سدِّ حَاجَةِ المسلمين، وَاستعْمالهما فِيما يَجِدُّ من المشَاكِل التي تجِدُّ في المعَاملات، وَنظُم الاستثْمارَات الحديث، وما يَجِدُّ في حياة الناس مما تجْلبه التكْنولوجيَا الحديثةُ من مستجَدَّات يَحْتاجُ الحُكْم عَليْها بالحِل أَو الحُرْمةِ على بحْثٍ وَاجتهاد، لاسيَّما في المجَامعِ العِلميَّةِ، وَالاجتهادات الجماعيَّةِ، في المجَامعِ الفقهية، وَالمؤْتمرَات وَالندَوَات العِلميَّةِ التي تعْقدُ بيْن حِين وَآخَرَ، وَيَلتقي فيها الكَثِيرُ من عُلماءِ المسلمين بمختلف تخَصُّصَاتهم وَخِبرَاتهم، وَحَبذَا لوْ شُكِّل مرْكَزٌ عِلميٌّ على مستوَى العَالم الإِسلاميِّ، تُوَفَّرُ له كُل الإِمكانات؛ ليَتوَلى جَمعَ ما يَصْدُرُ عن تلك المجَامعِ وَالمؤْتمرَات وَالندَوَات العِلميَّةِ، من توْصِيَّات وَبحُوثٍ عِلميَّةٍ، ثُم يَقوم بترْتيبها


الشرح