مقدّمةٌ
بسم الله الرَّحْمن الرَّحِيم
الحَمدُ لله رَب
العَالمين، أَرْسل إِلى عِبادِه رَسولاً يَأْمرُهم بالمعْرُوفِ وَيَنهاهم عن
المنكَرِ، وَيُحِل لهم الطَّيِّبات وَيُحَرِّم عَليْهم الخَبائِثَ؛ فَبلغَ رِسالةَ
رَبه وَترَكَ أُمته على البيْضاءِ، صلى الله عليه وَعلى آله وَأَصْحَابه الذين
تمسكُوا بسنته، وَقاموا بنشْرِ دِيْنه حَتى بلغَ المشَارِق وَالمغَارِب؛ أَما
بعْدُ:
فَإِنه لا يَخْفَى
ما لإِطَابةِ المطْعَم بتحَرِّي ما أَحَل الله وَترْكِ ما حَرَّم الله من أَثَرٍ
بالغٍ على قلب الإِنسان وَسلوكِه، وَلهذا أَمرَ الله جَميعَ الناس بالأَكْل من
الحَلال الطَّيِّب حيث يَقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ حَلَٰلٗا طَيِّبٗا﴾ [البقرة: 168].
فَقوله: ﴿حَلَٰلٗا﴾: أَيْ محَللاً لكُم تناوُله، ليس بغَصْب وَلا سرِقةٍ وَلا متحَصَّل من
معَاملةٍ محَرَّمةٍ كَالرِّبا وَالغِشِّ، وَقوله: ﴿طَيِّبٗا﴾: أَيْ ليس بخَبيثٍ كَالميْتةِ وَالدَّم وَلحْم
الخِنزِيرِ وَالخَبائِثِ كُلها.
وَأَمرَ المؤْمنين
خَاصَّةً أَن يَأْكُلوا من طَيِّبات ما رَزَقهم حيث يقول سبحانه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِلَّهِ إِن
كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ﴾ [البقرة: 172].
فأمر المؤمنين بما
أمر به المرسلين حيث يقول سبحانه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ
صَٰلِحًاۖ﴾ [المؤمنون: 51].
فَالأَكْل من الطَّيِّبات له آثَارٌ حَميدَةٌ على النفُوس وَالأَبدَان؛ لأَن
الصفحة 3 / 261