وَحِفْظِ مَا
أَوْدَعَنَا مِنْ شَرَائِعِهِ، فَإِنَّك سَأَلْتنِي أَنْ أَكْتُبَ لَكَ جُمْلَةً
مُخْتَصَرَةً مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَةِ.
****
فَبَنُو الإنسانِ أمام هذه الأمانة على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مَن
تحمَّلَها ظاهرًا وباطنًا، وهم المؤمنون والمؤمنات.
القسم الثاني: مَن أبى تحمُّلَها،
ورفضها ظاهرًا وباطنًا، وهم المشركون والمشركات.
والقسم الثالث: مَن
تحمَّلَها ظاهرًا، وضيَّعها باطنًا، وهم المنافقون والمنافقات.
يخاطب المُؤلِّف مُعلِّمَه الذي يُعلِّمه القرآن، وهذا فيه بيان سبب تأليف هذه الرسالة ومقدمتها، فالرسالة في فقه مذهب الإمام مالك، والمقدمة في بيان العقيدة الصحيحة، فهو يذكر أن سبب تأليفه: أن مُدرِّسه لما رأى من نجابته، وذكائه، وإلمامه بمذهب الإمام مالك؛ طلب منه أن يؤلف مختصَرًا في الفقه على مذهب الإمام مالك؛ ليُلقِّنه للطلاب الذين يدرسون عنده؛ لأجل أن يجمعوا بين حفظ القرآن، وحفظ العقيدة، والفقه في الدين، وهكذا كانت طريقة السلف الصالح أنهم يُلقِّنون الأولاد من الصِّغر، ويعلمونهم العقيدة والفقه؛ حتى ينشؤوا على ذلك؛ لأن الصغير أحفظ لما يُلقَى إليه أكثر من الكبير، فالكبير ينسى، أما الصغير فإنه ينتقش العلم في ذهنه؛ ولهذا يقولون: «العِلْم في الصِّغر كالنَّقش في الحَجَر»، فهم يحرصون على تعليم الصغار؛ لأجل أن يترسخ ذلك في أذهانهم، ويثبت فيها، وينشؤوا عليه.