وَأَنَّ
الشُّهَدَاءَ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.
****
بمعصيته،
فالمعصية تضر، وتُنقص الإيمان؛ فلا يتهاون بها، ولكنها لا تصل إلى قول الخوارج: «إنه يكفر، وإنه يخلد في النار»، فكلا
المذهبين باطل، ومذهب أهل السُّنَّة والجماعة هو الوسط بين المذهبين الباطلين، وحق
بين ضلالتين؛ فالخوارج أخذوا بنصوص الوعيد، وقالوا بإنفاذ الوعيد، والمُرجِئة
أخذوا بنصوص الوعد، وأهل السُّنَّة والجماعة أخذوا بالأمرين: أخذوا بنصوص الوعيد،
وبنصوص الوعد، وقالوا: «هذا راجع إلى
مشيئة الله».
ولكن قول المصنف: «لا يكفر أحد بذنب» ليس على إطلاقه،
فهناك ذنوب يكفر بها مثل: ترك الصلاة، فمَن ترك الصلاة متعمدًا؛ فإنه يكفر به
بدليل الأحاديث، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا
فَقَدْ كَفَرَ» ([1])،
وقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ بَيْنَ
الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاَةِ» ([2])،
فتَرْك الصلاة يكفر به.
وقوله: «من أهل القبلة» يعني: من المسلمين الموحدين، الذين يُصلُّون إلى
الكعبة؛ فالكعبة قِبلة المسلمين.
من أصول أهل السُّنَّة والجماعة: أن الشهداء -وهم الذين قُتلوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله-، أنهم وإن ماتوا في الدنيا، وانتهت حياتهم من الدنيا، إلا أنهم أحياء في البرزخ «أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ»، قال تعالى: ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2621)، وابن ماجه رقم (1079)، وأحمد رقم (22937).
الصفحة 1 / 116