×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

إلاَّ هُوَ رَبُّ الْعِبَادِ وَرَبُّ أَعْمَالِهِمْ، وَالْمُقَدِّرُ لِحَرَكَاتِهِمْ وَآجَالِهِمْ.

الْبَاعِثُ الرُّسُلَ إلَيْهِمْ؛ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِم،

****

 بدليل، وهذا تَحَدٍّ من الله عز وجل، يدل على أن كل هذا الكون من خَلْق الله، فالله هو الخالق وحده، وما سِواه فهو مخلوق، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ [الحج: 73].

الله رب العباد، ومالكهم، والمُتصرِّف فيهم، وهو مربيهم، ومُغذِّيهم بنعمه، وهو الذي يربيهم بالوحي، ويربيهم بالرزق لأبدانهم، ويربيهم بالوحي لقلوبهم؛ فهو يُربِّي العباد، وهو -أيضًا- رب أعمال العباد، قال تعالى: ﴿وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ [الصافات: 96]، فهو خلقكم، وخلق ما تعملون، لا أحد يستقل بفعله ويخلق من دون الله، بل الله هو الذي يخلق، والمخلوق لا يخلق فعل نفسه.

فلا يتحرك إلا بقدر الله وقضائه، هو الذي يُقدِّر حركاتهم، وهو الذي يُقدِّر آجالهم ونهاية أعمارهم، ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٖ وَلَا يُنقَصُ مِنۡ عُمُرِهِۦٓ إِلَّا فِي كِتَٰبٍۚ [فاطر: 11].

من رحمته سبحانه وتعالى بعباده أنه لم يَكِلْهُم في دينهم لأنفسهم يختارون ما يَرَوْن أنه خير، وقد لا يكون خيرًا؛ لقصورهم، وقصور علمهم وإدراكهم، فالله جل وعلا لم يَكِلْهم إلى عقولهم، وإنما أرسل رسله، وأنزل كتبه؛ ليبين للناس العبادة التي يريدها منهم، وطريق الخير وطريق الشر؛ هداية لهم، وإقامة للحجة عليهم، فالمؤمن ينتفع بما أنزله الله،


الشرح