×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ؛ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا، وَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ؛ فَأُولَئِكَ يَصْلَوْنَ سَعِيرًا.

وَأَنَّ الصِّرَاطَ حَقٌّ، يَجُوزُهُ الْعِبَادُ بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمْ؛ فَنَاجُونَ مُتَفَاوِتُونَ فِي سُرْعَةِ النَّجَاةِ عَلَيْهِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَقَوْمٌ أَوْبَقَتْهُمْ فِيهَا أَعْمَالُهُمْ.

****

 هذا كما في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدۡحٗا فَمُلَٰقِيهِ [الانشقاق: 6]، لا بد من لقاء الله، وعند لقائه ينقسم الناس: ﴿فَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ [الانشقاق:7]، أي: باليد اليمنى، ﴿فَسَوۡفَ يُحَاسَبُ حِسَابٗا يَسِيرٗا [الانشقاق:8]، وهو العَرْض، ﴿وَيَنقَلِبُ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ مَسۡرُورٗا [الانشقاق: 9]، ينقلب إلى الجنة وأهله في الجنة مسرورًا بما أعطاه الله.

 ﴿وَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ وَرَآءَ ظَهۡرِهِۦ [الانشقاق: 10]؛ إهانة له يؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره. ﴿فَسَوۡفَ يَدۡعُواْ ثُبُورٗا [الانشقاق: 11]، الثبور: هو الهلاك، أي: سوف ينادي بالويل والهلاك، ويقول: يا ويلاه، يا ثبوراه، ﴿وَيَصۡلَىٰ سَعِيرًا ١٢إِنَّهُۥ كَانَ فِيٓ أَهۡلِهِۦ مَسۡرُورًا ١٣ [الانشقاق: 12- 13]، أي: مسرورًا في الدنيا بملاذها وشهواتها، ونسي الآخرة، ولم يعمل لها، فهذه من أحوال الناس يوم القيامة، ومن أهوال يوم القيامة، وسنلاقي هذه الشدائد حقًّا يقينًا.

 كذلك مما يكون من أمور الآخرة وشدائدها وأهوالها: أنه يُنصَب صراط، أي: جسر على متن جهنم، أدق من الشعرة، وأحد من السيف، ثم يمر الناس عليه على قدر أعمالهم؛ فمنهم من يمر كالبرق الخاطف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالفرس الجواد،


الشرح