×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وَأَرْوَاحُ أَهْلِ السَّعَادَةِ بَاقِيَةٌ نَاعِمَةٌ إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، وَأَرْوَاحُ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ مُعَذَّبَةٌ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.

****

 فهذا فتنة -والعياذ بالله-، وليس جهادًا، ثم ما هي النتيجة بعد ذلك؟ إنها الفوضى، وانفلات الأمن، كما هو مُشاهَد.

هذا عذاب القبر، وعذاب القبر أو نعيمه دلت عليه الأدلة المتواترة؛ فالمؤمن يُنعَّم في قبره، ويُفتَح له باب إلى الجنة، ويأتيه من رَوْحها ونعيمها، ويُفرش له من الجنة، ويوسع له في قبره مَدَّ بصره إلى أن يبعثه الله يوم القيامة، ثم يدخل الجنة، والتنعيم ليس للروح فقط، بل يكون للروح وللبدن، وإن تحلل، وصار ترابًا، فإنه يتنعم، أو يُعذَّب، فالعذاب يقع على الروح وعلى البدن في القبر، هذا مذهب أهل السُّنَّة والجماعة، ليس على الروح فقط.

 «وَأَرْوَاحُ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ مُعَذَّبَةٌ إلَى يَوْمِ الدِّينِ»، والشقي -والعياذ بالله- تتصل به روحه في قبره، ويُعذَّب: روحه وبدنه، كلاهما ينالهما العذاب في القبر، ويتألمان.

فالروح لها تعلُّق بالبدن حتى في القبر، تأتي وتذهب للميت، وتتصل به وهو في قبره بمشيئة الله، فالروح لها تعلقات بالبدن:

الأول: لها تعلُّق به، وهو في بطن أمه، إذا نُفِخت فيه الروح؛ يحيا، ويتحرك، ويتغذى، وهو في بطن أمه؛ لأن الروح تتصل به.

الثاني: ولها اتصال به بعد ولادته؛ فهي متصلة به إلى أن يُتَوَفى.

الثالث: ولها اتصال به في النوم؛ لأن النوم وفاة، قال تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّىٰكُم بِٱلَّيۡلِ وَيَعۡلَمُ مَا جَرَحۡتُم بِٱلنَّهَارِ [الأنعام: 60].


الشرح