×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ يَمُوتُ، كَمَا بَدَأَهُمْ يَعُودُونَ، وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ضَاعَفَ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْحَسَنَاتِ.

****

 أي: يُحيِيه من الموت للحساب والجزاء.

فكما بدأكم أول مرة تعودون للحياة -بإذن الله- مرة أخرى كما كنتم، فالذي قدر على ابتدائكم قادر على إعادتكم من باب أَوْلَى، قال تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ [الروم: 27].

ففي يوم القيامة يجازي الله سبحانه وتعالى عباده على أعمالهم، ﴿وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا [الكهف: 49]، كلٌّ يُجازَى بعمله؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، فالمؤمنون تُضاعَف لهم الحسنات التي عملوها في الدنيا، تُضاعَف من فضل الله ﴿مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشۡرُ أَمۡثَالِهَاۖ [الأنعام: 160]، فتُضاعَف الحسنة إلى عشرة أضعاف، وإلى سبعمائة ضعف، وإلى أضعاف كثيرة لا يعلمها إلا الله، وهذا من فضله، وإذا كان لهم سيئات دون الشرك ودون الكفر؛ فإن الله جل وعلا إما أن يعذبهم بها بقدرها، وإما أن يعفو عنهم، هذا لأهل الإيمان خاصة، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48]، أي: ما دون الشرك ﴿لِمَن يَشَآءُۚ، فإما أن يغفرها لهم، ويمحوها عنهم، أو يعذبهم بها في النار، ثم يُخرِجهم منها إلى الجنة، هذا في الكبائر التي دون الشرك.

فالذنوب تنقسم إلى كبائر وصغائر، بدليل هذه الآية: ﴿إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّ‍َٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا [النساء: 31]، فالصغائر تُكفَّر، ولو لم يتب منها الإنسان، فتُكفَّر باجتناب


الشرح