وَأَنَّهُ
فَوْقَ عَرْشِهِ الْمَجِيدِ بِذَاتِهِ ،
****
والعرش هو سقف
المخلوقات وأعلاها، والله فوق العرش بذاته، لا بعلمه كما تقول المؤولة: «إنه فوقه بعلمه، أو بقدرته، أو بسلطانه»،
بل هو سبحانه وتعالى فوقه بذاته، قال تعالى: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ﴾ [طه: 5]، والاستواء صفة فعلية، أما العُلُوُّ، فهو صفة
ذاتية؛ ولهذا جاء الاستواء مُرتَّبًا على خلق السماوات والأرض، قال تعالى: ﴿إِنَّ
رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ
ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ﴾
[الأعراف: 54].
فالاستواء صفة فعلية، يفعلها الله متى شاء، وأما
العُلُوُّ، فهو صفة ذاتية لا تنفك عنه سبحانه وتعالى، وجاء لفظ ﴿ٱسۡتَوَىٰ
عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ﴾ في سبعة
مواضع من القرآن، لم يتغير لفظها؛ فدل على أن معناها واحد، وهو العُلُوُّ
والارتفاع فوق عرشه، يقول ابن القيم رحمه الله ([1]):
فلهم عبارات عليها أربع **** قد
حصلت للفارس الطعان
وهي استقر وقد علا وكذلك ار **** تفع
الذي ما فيه من نكران
وكذاك قد صعد الذي هو رابع **** وأبو
عبيدة صاحب الشيباني
يختار هذا القول في تفسيره **** أَدْرَى
مِن الجَهْميِّ بالقرآن
فقوله: «فلهم عبارات عليها»، أي: في معنى لفظة الاستواء أربعة تفسيرات، وهي: استقر، علا، ارتفع، وصعد، بخلاف تفسيرات المعطلة، فالجهمية ينكرون العُلُوَّ، وينكرون الاستواء، ويقولون: «الله في كل مكان، حتى في أمكنة القاذورات والحمامات»!