وَهُوَ
فِي كُلِّ مَكَان بِعِلْمِهِ.
خَلَقَ
الإِْنْسَانَ، وَيَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ
مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ، وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلاَّ يَعْلَمُهَا، وَلاَ
حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَْرْضِ، وَلاَ رَطْبٍ، وَلاَ يَابِسٍ إلاَّ فِي كِتَابٍ
مُبِينٍ ،
****
ولا ينزهونه سبحانه وتعالى؛ فينكرون العُلُوَّ لله عز
وجل، يقولون: «هو في كل مكان»، تعالى
الله عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا!
وقوله: «بِذَاتِهِ»
ردٌّ على المُؤَوِّلة من الأشاعرة وغيرهم، الذين يقولون: «استوى بمعنى: استولى على العرش بسلطانه».
أي: مع عُلُوِّه
على مخلوقاته هو في كل مكان، فهو معهم بعلمه، كما قال جل وعلا:﴿إِنَّ ٱللَّهَ
لَا يَخۡفَىٰ عَلَيۡهِ شَيۡءٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِ﴾ [آل عمران: 5]، وقال: ﴿وَهُوَ مَعَكُمۡ أَيۡنَ مَا كُنتُمۡۚ﴾ [الحديد: 4]، أي: معكم بعلمه.
قضى خلقه ثم استوى فوق عرشه **** ومِن
عِلْمه لم يخلُ في الأرض موضع
أي: الإنسان:
آدم وذريته، «وَيَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ
بِهِ نَفْسُهُ»، يعلم ما في صدر الإنسان من الأفكار قبل أن يتكلم بها.
«وَهُوَ
أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»، الْوَرِيدِ:
هو العرق الذي بجانب الرقبة، يجري منه الدم، والله أقرب إلى عبده من حبل الوريد
الذي في عنقه، وهذا القُرْب ليس قُرْب اختلاط، ولكن قريب منه بعلمه، فهو قريب من
عباده قُرْب إحاطة واطِّلاع، لا قُرْب اختلاط.
الكتاب: هو اللَّوح المحفوظ الذي كُتبت فيه مقادير الخلائق بعد علم الله جل وعلا بها، فقد عَلِمَها أولاً، ثم كتبها ثانيًا؛