×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وَتَرْكُ الْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ فِي الدِّينِ، وَتَرْكُ كُلِّ مَا أَحْدَثَهُ الْمُحْدِثُونَ.

****

 وما خالفهما؛ فهو خطأ، وإن كان صاحبه ما قصد الخطأ، لكن طريقته خطأ، قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ؛ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ؛ فَلَهُ أَجْرٌ» ([1])؛ أجر على اجتهاده، والخطأ مغفور ولله الحمد، وإنما التعصب للقول، أو للشخص، أو للمذهب من غير دليل هذا هو المذموم، بل هذه عصبية جاهلية، ولا تجوز، فالواجب أن المؤمن يزن أقواله، وأفعاله، وتصرفاته بالكتاب والسُّنَّة، إذا كان يحسن هو الرجوع إلى الكتاب والسُّنَّة، فالحمد لله، وإلا فليسأل أهل العلم؛ ليبيِّنوا له الخطأ من الصواب، هذا هو المنهج السليم لهذه الأمة، ولا تصلح هذه الأمة إلا بذلك.

 من أصول أهل السُّنَّة والجماعة ترك المراء والجدل، فالهدف هو الحصول على الحق، وأما أننا نتجادل، ونشغل أوقاتنا، ونستهلك طاقاتنا في الجدال العقيم، والانتصار لقول فلان وعلان؛ فهذا يضر ولا ينفع، والدين ليس فيه مراء ولا جدل، ولا يحسم هذا إلا الكتاب والسُّنَّة، ولا يستفيد من الكتاب والسُّنَّة إلا أهل العلم؛ فيُسألون عن ذلك، فيُرجع إلى أهل العلم.

كل ما أحدثه المُحدِثون بعد السلف الصالح من الأقوال، والأفعال، والعقائد، فإذا كان ذلك مخالفًا للكتاب والسُّنَّة، وما عليه سلف هذه الأمة؛ فلا بد من تركه، وليس في هذا غضاضة، على مَن


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (7352)، ومسلم رقم (1716).