×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وَأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا؛ لِعَرْضِ الأُْمَمِ وَحِسَابِهَا، وَعُقُوبَتِهَا، وَثَوَابِهَا.

****

  ومما يكون في يوم القيامة، ويجب أن نؤمن به: أن الله يجيء لفصل القضاء بين عباده، يجيء ويأتي، قال تعالى: ﴿هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٖ مِّنَ ٱلۡغَمَامِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ [البقرة: 210]، وقال: ﴿كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا ٢١وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا ٢٢ [الفجر: 21، 22]، فيجيء الله جل وعلا، وتجيء الملائكة، ويكونون صفوفًا يحيطون بالخلق في المحشر، يجيء الله لفصل القضاء بين عباده كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى، هذا مما أخبر الله به، وأخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو من الصفات الفعلية لله جل وعلا، وكيف يأتي؟ هذا لا ندري عنه؛ فالكيفية لا نعلمها، لكن بأنه يأتي كما شاء سبحانه وتعالى، وأما حصول المجيء والإتيان فإننا نؤمن بهما، وهذا من العقيدة، أما من يُؤوِّلون المجيء بأنه يجيء أمره، فهذا تأويل باطل؛ لأن الله أخبر بأنه يأتي ويجيء هو نفسه جل وعلا، ولم يقل: «يأتي أمري»، وإنما يأتي هو بذاته مجيئًا يليق بجلاله سبحانه وتعالى وذلك أن الناس يُحشَرون قائمين على أقدامهم حفاة، عُراة، غُرلاً، وتدنو منهم الشمس، ويأخذ منهم العرق ما يأخذ بحسب أعمالهم، فيصيبهم شدة وهول، قال تعالى: ﴿تَعۡرُجُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيۡهِ فِي يَوۡمٖ كَانَ مِقۡدَارُهُۥ خَمۡسِينَ أَلۡفَ سَنَةٖ ٤فَٱصۡبِرۡ صَبۡرٗا جَمِيلًا ٥ [المعارج: 4، 5]، في مدة خمسين ألف سنة، وهم واقفون في شدة الحر والزحمة، القدم على القدم، الأولون والآخرون، عند ذلك يتقدمون إلى مَن يشفع لهم عند الله لفصل القضاء بينهم، وإراحتهم من


الشرح