وَسِعَ
كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضَ.
****
مصلحة الناس ليبيِّن للناس، وهذا شيء معلوم في عقيدة
المسلم، فالذين يزعمون أنهم يعلمون كل شيء، وأنهم ارتقوا بالعلم إلى ما لا نهاية
له، ويفتخرون بذلك هؤلاء كذابون، ما بلغوا من علم الله إلا شيئًا يسيرًا مما
أقدرهم الله عليه، وما لم يقدرهم عليه ولا يعرفونه أعظم، وأشد، وأكثر.
الكرسي مخلوق، وهو تحت العرش؛ فالعرش أعظم منه، والكرسي
وَسِعَ السماوات والأرض، فكيف يكون العرش؟! إذا كانت هذه عظمة الكرسي، فكيف بعظمة
العرش؟! فكيف بعظمة الله؟! فلا تتصوَّره الظنون ولا الأوهام؛ وكما جاء في الحديث: «مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِي
الْكُرْسِيِّ إِلاَّ كَدَرَاهِمَ سَبْعَةٍ أُلْقِيَتْ فِي تُرْسٍ» ([1])،
فالسماوات السبع، والأرضون السبع بالنسبة إلى الكرسي كسبعة دراهم ألقيت في تُرْس،
والكرسي بالنسبة للعرش كما في الحديث: «مَا
الْكُرْسِيُّ فِي الْعَرْشِ إِلاَّ كَحَلَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ أُلْقِيَتْ بَيْنَ
ظَهْرَيْ فَلاَةٍ مِنَ الأَْرْضِ» ([2]).
فهذا بيان لعظمة مخلوقات الله، فكيف بعظمة الله؟! فالكرسي فوق السماوات، وفوق السماوات بحر، ثم فوق البحر الكرسي، ثم فوق الكرسي العرش، والله فوق العرش مُستَوٍ على عرشه، عالٍ على مخلوقاته، ومع عُلُوِّه وارتفاعه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في
([1]) أخرجه: أبو الشيخ في العظمة (2/ 587)، والذهبي في العلو (ص: 117).
الصفحة 1 / 116