نَصُّ مُقَدِّمَةِ الرِّسَالَةِ
****
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ؛ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيُّ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ
****
نسبة إلى
القَيروان، بَلْدة في بلاد المغرب، وقد نشأ بها المؤلِّف؛ فنُسِب إليها.
افتتح هذه المقدمة بالحمد لله، والثناء عليه على نعمه العظيمة، ومنها: خلق الإنسان الذي اعتنى الله في خلقه وتصويره؛ لأنه هيَّأه لمسئولية عظيمة من بين المخلوقات، وهي عبادته وحده لا شريك له، قال تعالى:﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾ [الذَّارِيَات: 56]، فخص الله هذا الإنسان بخصائص ليست في بقية المخلوقات بأن سخَّر له ما في السماوات وما في الأرض؛ ليستعين بذلك على عبادة الله عز وجل، فالله جل وعلا خلق الإنسان، وعلمه البيان، ورزقه من أنواع الرزق؛ من أجل أن يقوم بعبادة الله جل وعلا، فالله خلق آدم عليه السلام أبَا البشرية، وجعله خليفة في الأرض، وعلَّمه أسماء كل شيء، وفضَّله على الملائكة بالعلم، حتى اعترفوا بفضله، وأمرهم الله أن يسجدوا له؛ لِمَا امتاز عليهم بالعلم الذي ليس عند الملائكة، أمرهم بالسجود له سجود إكرام وتحية، لا سجود عبادة؛ فسجود العبادة لا يجوز إلا لِلَّه عز وجل في جميع الشرائع، وأما سجود التحية فكان جائزًا في شرائع الأمم السابقة، ثم نُسِخ في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يُسجَد للمخلوق لا سجود عبادة، ولا سجود تحية، وسجود يعقوب وبَنِيه ليوسف عليه السلام كان سجود تحية، وسجود إكرام، لا سجود عبادة.
الصفحة 1 / 116