×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وَيُؤْتَوْنَ صَحَائِفَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ،

****

وذلك أنه يكون هناك ميزان، له كفتان ولسان، ثم توضع الحسنات في كفة، وتوضع السيئات في كفة، فإن رجحت حسناته؛ دخل الجنة، وإن رجحت سيئاته؛ دخل النار، وهذا من عدل الله سبحانه وتعالى، وأنه لا يظلم أحدًا.

فيجب الإيمان بهذا الميزان، وأنه ميزان حقيقي، وأنه توزن فيه الأعمال كما أخبر الله وأخبر رسوله صلى الله عليه وسلم.

والمعتزلة يقولون: «هو ميزان معنوي، وليس ميزانًا حقيقيًّا، وإنما هو كناية عن إقامة العدل يوم القيامة»، فهذا كلام باطل وتأويل فاسد، ولا يجوز تحريف النصوص الصريحة الصحيحة عن معانيها، وإذا أوَّلوها وصرفوها، فهذا ليس من الإيمان؛ لأن الإيمان أن تؤمن بما جاء من عند الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم على حقيقته.

فالموازين حق، وتوزن فيها الأعمال يوم القيامة، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَن ثَقُلَتۡ مَوَٰزِينُهُۥ ٦فَهُوَ فِي عِيشَةٖ رَّاضِيَةٖ ٧وَأَمَّا مَنۡ خَفَّتۡ مَوَٰزِينُهُۥ ٨فَأُمُّهُۥ هَاوِيَةٞ ٩وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا هِيَهۡ ١٠نَارٌ حَامِيَةُۢ ١١ [القارعة: 6: 11]، هذا هو الميزان، وهو ما توزن به الأعمال: خيرها وشرها.

 وكذلك مما يكون في يوم القيامة: إعطاء الصحف للناس، وهي صحائف الأعمال؛ لأن أعمالنا تكتبها علينا الملائكة، قال تعالى: ﴿إِذۡ يَتَلَقَّى ٱلۡمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٞ ١٧مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ ١٨ [ق: 17، 18]، فهم يكتبون ما يصدر عنا من الأعمال والأقوال، ويسجلونه في صحائف، وهذه الصحائف تُعطَى لأصحابها


الشرح