عَلِمَ
كُلَّ شَيْءٍ قَبْلَ كَوْنِهِ ؛ فَجَرَى عَلَى قَدَرِهِ لاَ يَكُونُ مِنْ عِبَادِهِ قَوْلٌ وَلاَ
عَمَلٌ إلاَّ وَقَدْ قَضَاهُ، وَسَبَقَ عِلْمُهُ بِهِ، ﴿أَلَا
يَعۡلَمُ مَنۡ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ﴾ [المُلْك: 14]،
يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ فَيَخْذُلُهُ بِعَدْلِهِ، وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ
فَيُوَفِّقُهُ بِفَضْلِهِ.
****
عَلِم كل شيء
بعلمه الأزلي الذي هو موصوف به أزلاً وأمدًا، هذه مرتبة العلم.
وجريانه، وحصوله، وإيجاده في وقته مرتبة من مراتب القضاء
والقدر.
لا يكون من عباده قولٌ أو عملٌ من خير أو شر، من كفر، أو
إيمان وتسبيح، وسباب وشتم، لا يكون إلا بقضاء الله وقدره، وإيجاده وخلقه.
﴿أَلَا﴾ هذا استفهام تقرير، وهو أنه ما خلق إلا بعدما عَلِم،
عَلِم الأشياء ثم أوجدها، وهو اللطيف الذي لا يخفى عليه شيء، الخبير بكل شيء.
يضل مَن يشاء بعدله، ويهدي مَن يشاء بفضله؛ فالفضل من
الله سبحانه وتعالى يؤتيه مَن يشاء، قال تعالى: ﴿ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ﴾ [الجمعة: 4].
وأما الشر، فالله جل وعلا يوقعه بمَن يناسبه ومَن يستحقه؛ فهو عدل منه، فهو محمود على هذا وهذا، محمود على الفضل، ومحمود على العدل، فهو يضل مَن يشاء بعدله، ولكن السبب من قِبَلِ العبد، فإذا لم يقبل الحق، وعارض الحق، وأنكر الحق مثل فعل الكفرة مع الأنبياء؛
الصفحة 1 / 116