×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ بِتَيْسِيرِهِ إلَى مَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ مِنْ شَقِيٍّ، أَوْ سَعِيدٍ،

****

 فإن الله يجازيهم فيضلهم؛ عقوبة لهم بسبب أفعالهم وإعراضهم، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ [الصف: 5].

فالله لا يهديهم بسبب الفسق، ولا يهدي الكافرين بسبب الكفر، ولا يهدي القوم الظالمين بسبب الظلم، فالأشياء مرتبطة بأسبابها، ﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ ٧وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ ٨وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٩فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ ١٠ [الليل: 5: 10]، فأما الذي يحب الخير، ويَقْبَل الخير، ويُقْبِل على الخير، ويطلب الخير؛ فإن الله يوفقه ويهديه، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ زَادَهُمۡ هُدٗى وَءَاتَىٰهُمۡ تَقۡوَىٰهُمۡ [محمد: 17]، وأما الذي يعرض عن الخير، ويكفر به ويعاند؛ فإن الله يخذله؛ عقوبة له، وعدلاً منه؛ فالله لا يضل أهل الإيمان، ولا يهدي أهل الضلال الذين لا يقبلون، ولكنه يضع الأمور في مواضعها، ويضع الهداية في مواضعها، ويضع الإضلال في مواضعه، وهذا كله عدل منه سبحانه وتعالى، وفضل، وحكمة.

 قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ»، وذلك بقضاء الله، فقال الصحابة رضي الله عنهم: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلِمَ نَعْمَلُ؟ أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟» أي: مَن كُتِب له أن يدخل الجنة؛ يدخلها، ومَن قُدِّر له أن يدخل النار؛ دخلها، قال: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ»، ثم قرأ: ﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ ٧وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ


الشرح