×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

الَّذِي هُوَ صِفَةُ ذَاتِهِ، لاَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَتَجَلَّى لِلْجَبَلِ فَصَارَ دَكًّا مِنْ جَلاَلِهِ.

****

إلهًا، كيف يكون إلهًا وهو لا يتكلم، ولا يأمر، ولا ينهى، ولا يُدبِّر، تعالى الله عما يقولون!

 أي: «الكلام» من صفات الله، فهو صفة فعل، وكل صفة فعل فهي صفة ذات أيضًا.

هذا ردٌّ على الجهمية الذين يقولون: ﴿وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا [النساء: 164]، يعني: خلق فيه الكلام»، وهذا قول باطل؛ فالله كلمه بكلام سمعه موسى عليه السلام منه.

 كما في قوله تعالى في قصة موسى:﴿فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكّٗا [الأعراف: 143]؛ لأن موسى عليه السلام لما سمع كلام ربه، اشتاق لرؤيته، فقال: ﴿رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ [الأعراف: 143]، قال الله له: ﴿لَن تَرَىٰنِي [الأعراف: 143]، أي: لا تُطيق رؤيتي، وأراد سبحانه وتعالى أن يُبيِّن له أنه لا يُطيقها بما يحصل للجبل إذا تجلى الله له، فقال: ﴿ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِيۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكّٗا [الأعراف: 143]، أي: ارتجف الجبل، وتحول إلى تراب، ﴿وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقٗاۚ [الأعراف: 143]، أي: مغشيًّا عليه من شدة الهَول، إلى آخر ما ذكره الله.


الشرح