×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وَأَنَّ الْقُرْآنَ كَلاَمُ اللَّهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ فَيَبِيدُ، وَلاَ صِفَةً لِمَخْلُوقٍ فَيَنْفَدُ.

****

 مِمّا يعتقدُه أهلُ السُّنَّة والجماعة: أن القرآن كلام الله مُنزَّل غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود، والقرآن الكريم فَرْدٌ من أفراد كلام الله؛ لأن جنس كلام الله لا ينفد، وهو الكلام الذي يُدبِّر به مخلوقاته بأوامره ونواهيه، ولا بداية له ولا نهاية له، فهو قديم النَّوع، حادث الآحاد، بمعنى أنه يتكلم سبحانه وتعالى والكلام صفة من صفاته الفعلية التي يفعلها متى شاء، فكلام الله من جملة صفاته الفعلية، ومن آحاده: القرآن الكريم، والكتب المُنزَّلة على رسله، فالله تكلم بالتوراة، وبالإنجيل، والقرآن، وتكلم بالكتب المُنزَّلة، ويُكلِّم مَن شاء من عباده كما يشاء، فيجب الإيمان بذلك، وأن القرآن كلام الله لفظًا ومعنًى، بخلاف قول الجَهْمية الذين ينفون الكلام عن الله كما ينفون عن الله سائر الصفات، ويقولون: «إن كلامه مخلوق، خلقه الله إما في اللَّوح المحفوظ، وإما في جبريل عليه السلام، وإما في محمد، وموسى، وعيسى -عليهم الصلاة والسلام-، فهو من جملة مخلوقاته»، وهذا قول باطل؛ فإن كلام الله صفة من صفاته الفعلية غير مخلوق، ولا يشبهه كلام الخلق، فالمخلوق يتكلم أيضًا، والله جل وعلا يتكلم، المخلوق يسمع، والله جل وعلا يسمع، المخلوق يبصر، والله جل وعلا يبصر ويرى.

ولكن صفات الله تليق به، وصفات المخلوقين تليق بهم، فلا يشبه هذا هذا، فصفات المخلوقين مخلوقة، وأما صفاته جل وعلا فإنها غير مخلوقة، بل هي أزلية بأزليته، وكلامه لا يَنفد ولا يُحَدُّ؛ قال تعالى:


الشرح