﴿قُل لَّوۡ
كَانَ ٱلۡبَحۡرُ مِدَادٗا لِّكَلِمَٰتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلۡبَحۡرُ قَبۡلَ أَن
تَنفَدَ كَلِمَٰتُ رَبِّي وَلَوۡ جِئۡنَا بِمِثۡلِهِۦ مَدَدٗا﴾ [الكهف: 109]، وقال: ﴿وَلَوۡ أَنَّمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن شَجَرَةٍ أَقۡلَٰمٞ
وَٱلۡبَحۡرُ يَمُدُّهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦ سَبۡعَةُ أَبۡحُرٖ مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَٰتُ
ٱللَّهِۚ﴾ [لقمان: 27]، فالله يتكلم
جل وعلا متى شاء: يتكلم في الأزل، ويتكلم في المستقبل، ويتكلم متى شاء سبحانه
يأمر، وينهى، ويُدبِّر، ولا حد لكلامه.
كلم جبريل عليه السلام، وسمع جبريل كلامه، كلم موسى عليه
السلام، وسمع موسى عليه السلام كلامه، وكلم محمدًا صلى الله عليه وسلم ليلة
المعراج، وكلم آدم عليه السلام، فهو يُكلِّم مَن شاء بكلام يليق بجلاله، لا يشبه
كلام المخلوقين، كما أن سائر صفاته لا تشبه صفات المخلوقين، ﴿لَيۡسَ
كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾
[الشورى: 11]، فالقرآن الكريم من كلامه: لفظه ومعناه، والجهمية يقولون: «لفظه
ومعناه مخلوقان»، والأشاعرة يقولون: «لفظه مخلوق، وأما معناه فهو غير مخلوق، وهو
المعنى القائم بالنفس، وعبَّر عنه جبريل عليه السلام، فالقرآن عبارة أو حكاية عن
كلام الله»، وهذا مشتق من قول الجهمية -أيضًا-، إلا أنهم فارقوهم في أن معناه غير
مخلوق، وأما لفظه فمخلوق، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا!
وأما أهل السُّنَّة فيقولون: «القرآن كلام الله لفظًا ومعنًى
كما يليق بجلاله، والكلام والصفات هي كمال، أما الذي لا يتكلم فإنه ناقص».
ولهذا لما اتخذ بنو إسرائيل العجل الذي صنعه لهم السامري من الذهب، قال الله تعالى: ﴿أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّهُۥ لَا يُكَلِّمُهُمۡ وَلَا يَهۡدِيهِمۡ سَبِيلًاۘ﴾ [الأعراف: 148]؛ فدل على أن الله جل وعلا يُكلِّم عباده، وأما الذي لا يتكلم فهو جماد، وإبراهيم عليه السلام قال لأبيه: ﴿يَٰٓأَبَتِ لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا يَسۡمَعُ وَلَا يُبۡصِرُ وَلَا
الصفحة 2 / 116