×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وَلاَ يَتَفَكَّرُونَ فِي مَاهِيَّةِ ذَاتِهِ، وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إلاَّ بِمَا شَاءَ،

****

 على الخالق، وكما قيل:

فيا عجبًا كيف يُعصَى الإله **** أم كيف يجحده الجاحدُ

وفي كل شيء له آية **** تدل على أنه واحدُ

وكذا تتفكر في آيات الله القرآنية بمعنى أن تتدبرها، وتتأمل معناها، وتفسيرها، أما أن تتفكر في كيفية أن الله تكلم بالقرآن، وكيف يتكلم؟ فهذا لا يجوز السؤال عنه والتفكير فيه.

ماهية يعني: ما هو.

 هذا هو الدليل على تحريم التفكُّر في ذات الله، وهو: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ [البقرة: 255].

فعِلْم الله واسع، ونحن لا نعلم من علم الله إلا ما علَّمَنَا، كما قالت الملائكة لله: ﴿سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ [البقرة: 32]، والله جل وعلا قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ [النساء: 113]، وقال له: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا [طه: 114]، فما علَّمه الله خلقَه؛ فإنهم يتعلمونه، وما لم يعلِّمهم إياه؛ فإنهم يقفون عنه، ولا يدخلون فيه، وما يعلمونه شيء يسير في علم الله، قال جل وعلا: ﴿وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِيلٗا [الإسراء: 85]، فالعلم الكامل لله عز وجل، أما عِلْمنا فهو قليل في جانب علم الله عز وجل؛ فلا نُحيط بشيء من علمه إلا بما شاء، وعلَّمَنا إياه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا ٢٧ [الجن: 26- 27]، فإنه يُطلِعه الله على ما شاء من الغيب؛ لأجل


الشرح