×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

تَعَالَى أَنْ يَكُونَ فِي مُلْكِهِ مَا لاَ يُرِيدُ.

****

 وَٱسۡتَغۡنَىٰ ٨وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٩فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ ١٠ [الليل: 5- 10] ([1])، فبيَّن سبحانه أن الإضلال والهداية بسبب من العبد، وعدل من الله سبحانه وتعالى وفضل منه.

تعالى سبحانه وتقدَّس أن يكون في مُلْكه ما لا يريد، لا يكون في مُلْك الله إلا ما أراده: من خير أو شر، من كفر وإيمان، من هداية وضلال، يضع كل شيء في موضعه عندما يستحق.

وهذا بخلاف قول القدرية الذين يقولون: «إن الله لم يُرِد الكفر، ولم يُرِد الشر»، فهذا تعجيز لله سبحانه وتعالى أن يكون في مُلْكه ما لا يريد، نقول: لا، الخير والشر كله بِيَدِ الله، والكفر والإيمان كله بتقدير الله عز وجل، ما خلقهما عبثًا ولا ظلمًا، مثلاً: السموم خلقها الله، وهي ضارة وقاتلة، ولكن إذا وُضعت في مواضعها، فتنفع أو تضر، يوقعها الله على مَن يعاقبه؛ فيضر، ويوقعها على مَن يريد له الشفاء؛ فيُشفَى؛ فالله خلق هذا السم، وإن كان قاتلاً، ولكن فيه حكمة، وخلق الجوع والشبع لحكمة؛ ابتلاءً وامتحانًا، وخلَق المرض والصحة، فخلَق المضادات ولكن كل شيء يوضع في موضعه، لو أن الله ما خلق إلا الخير؛ فالناس كلهم يدخلون الجنة، والله جل وعلا يريد أن لا يدخل الجنة أحد إلا بعمله، قال تعالى: ﴿ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ [النحل: 32]، فلا يدخل أحد الجنة إلا بعمل، ولا يدخل النار إلا بعمل.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4945)، ومسلم رقم (2647).