×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

 وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ [البقرة: 24]، فالجنة والنار مخلوقتان الآن، بدليل قوله: ﴿أُعِدَّتْ فعل ماضٍ؛ لا أنها تُخلَق يوم القيامة، فكلتاهما قد أُعِدَّت: الجنة أُعِدَّت للمتقين، والنار أُعِدَّت للكافرين، ومما يدل على وجود النار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ» ([1])؛ فيدل هذا: على أنها موجودة، ومُعَدَّة، ومُهيَّأة الآن.

والإيمان بالجنة والنار داخل في الإيمان باليوم الآخر، كما في الحديث: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ؛ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ» ([2]).

الشاهد في قوله: «وَالجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ»؛ فدل هذا: على أنه يجب الإيمان بالجنة والنار، ولا يكفي أن تؤمن بالجنة والنار، بل لا بد أن تعمل الأعمال التي تسبب لك دخول الجنة، وأن تجتنب الأعمال التي تسبب لك دخول النار.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3260)، ومسلم رقم (617).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3435)، ومسلم رقم (28).