فلا اجتماع إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة؛ ولهذا
قال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ
مِنكُمۡۖ﴾ [النساء: 59]، فذكر
سبحانه وتعالى أن الطاعة تكون لثلاثة:
أولاً: تكون لله عز وجل.
ثانيًا: تكون للرسول صلى الله عليه
وسلم.
ثالثًا: تكون لأولي الأمر، وأولوا
الأمر: هم أمراء المسلمين، وعلماء المسلمين.
والمصلحة تعود على الجميع؛ بحيث ينتظم شأنهم، وتقوى جماعتهم، ويهابهم عدوهم، وهذا ما أمر الله به، وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، ولما وعظ صلى الله عليه وسلم أصحابه موعظة بليغة وَجِلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، قالوا: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مُودِّع، فماذا تعهد إلينا؟ قال: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1])، هذه وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته، وهي ما أوصى الله بها في كتابه في قوله: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ﴾ [آل عمران: 103]، وفي قوله:
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، والترمذي رقم (2676)، وأحمد رقم (17144).
الصفحة 2 / 116