قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: فدخل في قولهم الجاهلُ والمُغفَّلُ والذي لا علمَ له، حتى كفَّروا
مِن حيث لا يعلمون، فهلكتِ الأُمَّةُ من وجوهٍ، وكفرتْ من وجوهٍ، وتَزَنْدَقَتْ من
وجوهٍ، وضلَّتْ من وجوهِ، وتفرَّقتْ وابتدعتْ من وجوهٍ، إِلاَّ من ثبت على قولِ رَسُولِ
الله صلى الله عليه وسلم، وأَمْرِه وأَمْرِ أَصْحابه، ولم يتخطَّ أَحدًا منهم، ولم
يجاوزْ أَمْرَهم، وَوَسَعَهُ ما وَسَعَهم، ولم يرغبْ عن طريقتهم ومذهبِهم، وعلم أَنَّهم
كانوا على الإِسْلامِ الصَّحيحِ، والإِيْمانِ الصَّحيحِ فَقَلَّدَهُمْ دِيْنَه واستراح،
وعلم أَنَّ الدِّينَ إِنَّما هو بالتَّقليد، والتَّقْليدُ لأَصْحابِ مُحَمَّدٍ صلى
الله عليه وسلم.
**********
عند أَهْلِ العلم، لكنَّ القياسَ
الباطلَ؛ كقياس الخالقِ على المخلوقِ أَوْ قياسِ مسأَلةٍ لا تجتمع مع المسأَلةِ
المقيسِ عليها في العِلَّة؛ لأَنَّ القياسَ هو: إِلْحاقُ فرعٍ بأَصْلٍ في الحُكْمِ
لِعِلَّةٍ جامعةٍ بينهما، فإِذا لم تكن هناك عِلَّةٌ جامعةٌ فهذا قياسٌ باطلٌ.
قولُه: «فدخل في قولهم الجاهلُ
والمُغفَّلُ والذي لا علمَ له» أي: انفتح البابُ لكلِّ مَن هبَّ ودبَّ، صاروا
يتكلَّمون في مسائِل العلم، وحتى الآن -كما تعلمون- بسبب هذه الفضائِيَّات، وهذا
الكلامُ والفوضى العلميَّةُ صار حتى العوام يتكلَّمون في مسائِل العلم ويُشكِّكون
فيها، يُشكِّكون في الأَحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ، يُشكِّكون في فتاوى الأَئِمَّةِ؛
وكما سبق أَنَّهم كفَّروا مَن خالفهم، حتى أَنَّهم كفَّرو الأَئِمَّةَ السَّابقين
وجهَّلوهم، حتى إِنَّ بعضَهم يقول: «أَنا
إِنْسانٌ وأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ إِنْسانٌ، نحن رجالٌ وهُمْ رجالٌ، ومَالِكٌ رجلٌ
وأَنَا رجلٌ». وصل بهم الحالُ إِلى هذا، وأَنَّه لا مَيْزَةَ لقولِ
الأَئِمَّةِ.