×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الثاني

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: وأَوْهَنُوا الإِسْلامَ، وعطَّلوا الجِهادَ، وعملوا في الفُرْقَةِ، وخالفوا الآثارَ، وتكلَّموا بالمنسوخ، واحتجُّوا بالمتشابه، فشكَّكوا النَّاسَ في أَدْيانِهم، واختصموا في ربِّهم، وقالوا: ليس هناك عذابُ قبرٍ، ولا حوضٌ ولا شفاعة، والجَنَّةُ والنَّارُ لم يُخْلَقَا، وأَنْكروا كثيرًا ممَّا قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فاستحلَّ من استحلَّ تكفيرَهم ودماءَهم من هذا الوجه، لأَنَّه من رَدَّ آيةً من كتابِ الله فقد رَدَّ الكتابَ كلَّه، ومن رَدَّ حديثًا عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقد رَدَّ الأَثَرَ كلَّه، وهو كافرٌ بالله العظيمِ. 

**********

 ولو لم يعتقدْ بقلبِه، فإِذًا لا حاجةً إِلى المساجد والجوامعِ لأَنَّها لا تجب الصَّلاةُ عندهم.

قولُه: «وأَوْهَنُوا الإِسْلام» أَيْ: الجهميَّةُ، أَضْعَفُوا الإِسْلامَ.

قولُه: «وعطَّلوا الجِهادَ» عطَّلوا الجهادَ في سبيل الله؛ لأَنَّهم لا يرون تكفيرَ الكُفَّارِ، لأَنَّهم يعرفون اللهَ، ومعناه أَنَّ فِرْعَوْنَ مسلمٌ؛ لأَنَّه يعرف اللهَ بقلبِه، قال تعالى: ﴿قَالَ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَآ أَنزَلَ هَٰٓؤُلَآءِ إِلَّا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ [الإسراء: 102]، فهو يعرف اللهَ بقلبِه، والمشركون في عهد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يعرفون اللهَ بقلوبِهم بل يعبدونه بأَنْواعٍ من العبادات فهم يعتقدون أَنَّ اللهَ - سبحانه - هو الرَّبُّ وأَنَّه يستحقُّ العبادةَ، ولكنَّهم أَشْرَكُوا معه غيرَه بزَعْمِهم أَنَّ هذا الغيرَ يُقرِّبُهم إِلى الله سبحانه وتعالى.

قولُه: «وخالفوا الآثارَ» أَيْ: خالفوا الأَدِلَّةَ والسُّنَّةَ.

قولُه: «وتكلَّموا بالمنسوخ» يأْخذون الأَدِلَّةَ المنسوخةَ ولا يعملون بالنَّاسخ، من أَجْلِ التَّضْليل؛ كما قال اللهُ جل وعلا: ﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ [آل عمران: 7]، ومن المتشابهِ المنسوخُ؛


الشرح